دروس من هدي القرآن الكريم من نحن ومن هم ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹من نحن ومن هم🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ شهر شوال 1422هـ | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
قد تأتي طفرة أحياناً نريد أن نعمل شيئاً فنرسل طلاباً إلى الخارج، نرسلهم قبل أن نعرِّفهم من نحن ومن أولئك الذين سيذهبون إليهم، فيعودون بنظرة عكسية، حتى ولو أصبح لديه خبرة لم يعد يطمح إلـى أن يخـدم هـذه الأمـة، لأنهـا عنده ليست شيئاً، أصبح معتزاً بأولئك، منبهراً بأولئك، يعظِّم أولئك، ويحتقر هذه الأمة، ويمتهنها، هي أمةً ليست جديرة بـأي شـيء مـن قبلـه، فيعود ساخطاً على هذه الأمة، ليس ساخطاً لأنها لماذا لا تبني نفسها، أصبح يزدريها هكذا. ولو كان لا يزال في قلبه ذرة من احترام لهذا المجتمع، أو اهتمام بشأنه لانطلق هو أن يفيد بخبرته هذا المجتمع.
نستقدم الخبراء من هناك لكن أولئك يعرفون من هم ومن نحن، لاحظ الفارق يأتي خبراء وهم يعرفون من نحن، نحن أمة لو ننهض، لو يخلصون لنا، لو يخلصون معنا فبين أيدينا كتاب عظيم، بين أيدينا دين عظيم قد نشكل خطورة على حضارتهم، هم يخرجون إلينا وهم يحتقروننا وحريصون على أن لا نعلم شيئاً إلا فضلات معرفتهم التي فقط تؤهلنا لأن نكون سوقاً استهلاكية لمنتجاتهم، هي مجرد أن تعرف كيف تشغل منتجاتهم فقط لا كيف تصنع مثلها، أو كيف تنافسهم في التصنيع على نحوها.
عندما نرسل طلاباً إلى الخارج منح دراسية أيضاً وهم جاهلون، ولا نشرح لهم أي مجتمع سيصلون إليه، في نفس الوقت مما يعزز المسألـة ويزيـد الطيـن بلة هو أنهم لا يحظون برعاية، بل يشكون كثيراً ويعانون كثيراً من اختلاس مساعداتهم المالية، وسرق للمساعدات، وتأخير لها، وأرقام بسيطة، فيعيشون هناك [أزمات مالية كبيرة] فيعود وهو كتلة من الازدراء لهذا المجتمع، ولهذه الدولة.
يوم كنا في مجلس النواب كانت تأتي شكاوى كثيرة من طلاب في مختلف البلدان، يشكون من أن مساعداتهم تتأخر، أزمات كثيرة مالية معيشية يعانون منها بسبب تأخير مساعداتهم، وقلة مساعداتهم، ومماطلة السفارات والملحقيات الثقافية في صرفها، وأخذ منها، شكاوى كثيرة كانت تأتي.
عندمـا يعـود الطالب ماذا يمكن أن يعمل؟ قد يأتي – ولازدرائه لهذه الأمة، ولهذه الدولة – يعمل لمصلحة نفسه فقط، وإذا ما عمل داخل مؤسسة حكومية مثلاً، داخل مصنع يهتم بنفسه فقط، لا يحمل أي مشاعر من الاهتمام بواقع هذه الأمـة، وأن يعمل على رفعتها، وأن يخلص لها.
فرح الناس عندما أصبح لدينا عطلة يومين، فرحوا، بينما كان العمال في ألمانيا وفي اليابان يصيحون: لا، عندمـا تكـون ساعـات العمـل قليلـة، لا، يريدون أن تكون ساعات العمل طويلة!
في اليابـان عندمـا كانـوا يرسلون طلاباً كان اليابانيون يحرصون على أن يحافظوا على هويتهم، وتقاليدهم كشعب متميز بتقاليده وهويته، هو شعب ظُلم من قبل الآخرين، من قبل الغرب، ظلم من قبل أمريكا، فيرسلوا طلاباً على مستوى كبير من الوعي، يفهم من هو، ويفهـم مـا هـي مهمته، هو أن يسافر فـي رحلـة ومنحـة دراسيـة وأن يتعلم حتى ولو عند أعدائه لكن يتعلم ليعرف في الأخيـر كيـف يضربهـم، يتعلـم ليعـرف كيف يبني بلاده، فيصبح ذلك الشعب الذي قهر على أيديهم يقهرهم هو في ميادين الاقتصاد.
الدولة نفسها كانت تهتم بالطلاب اليابانيين، تعطيهم مساعدات كبيرة، ورعاية كبيرة، كذلك الصين كانت تعمل فيعود الياباني وهو ياباني لم يتأثر، يعرف ما حصل في [هيروشيما] وفي غيرها، ما حصل من تدمير لدولة كانت تمثل إمبراطورية كبرى في شرق آسيا، فعادوا وهم لم يتأثروا، عادوا وهم يحملون اهتماماً بأمتهم، ويعملون بجد من أجلها.
نفـس الدولـة إذا كـان الكبير هو يحمل نفس المشاعر حتى ولو بدى في الصورة مستسلماً، وهو الشيء الذي نقول: نحن لم نلمس شيئاً، فمتـى مـا صـدرت كلمـات براقة من زعيم، أو كذا، أنظر إلى الواقع ستلمس إذا كانت هذه الكلمات لها أثرها، هي كلمات تنطلق من أعماق نفسه، أو أنها فقط قد تكون خداعاً أنظر إلى الواقع مـاذا يعمـل على صعيد الواقع، وهو من يملك القرار في هذا الشعب أو ذاك، ماذا يعمل!
كانت تبدو حكومة اليابان حتى في أثناء الاستسلام كانوا يحرصون على أن تبقى لهم هويتهم، كل شيء ممكن لكن هويتهم، ومَلِكُهم، قد يبدو الملك، قد تبدو الحكومة مستسلمة، أليس الاستسلام هو حاصل؟ لكن من الداخل هو يعرف كيف يعمل، من الداخل يثور، مستسلم وممكن يقف مع أمريكا في مواقف لكنه من الداخل يعرف أنه على رأس شعب قهر، وأن من واجبه أن يصعد بهـذا الشعـب ليكـون هـو الـذي يقهر أعداءه ولـو فـي أي ميـدان مـن المياديـن، هـم يعرفون أن الصراع هو صراع شامل، لم يعد فقط صراعاً عسكرياً، صراع شامل، وأبرز ما فيه الصراع الاقتصادي فيما بين الدول.
اتجهوا نحو البناء فعلاً وهو أن يقفوا على أقدامهم، ما الذي حركهم؟ مشاعر داخلية نحو وطنهم، مشاعر داخلية من العداء لأولئك، شعور بأنهم قهروا. روحية افتقدها الناس، المسلمون أنفسهم وهم من يمتلكون دين العزة، وهم من يمتلكون القرآن الذي فيه ما يكشف لهم واقعهم في أي عصر من العصور، يبين لهم مـا هـم عليـه، يبين لهم لدرجة أن القرآن يبدو وهو كتاب مخطوط حي وواعي أكثر منا فيما نحن عليه في كل عصر يستطيع أن يكلمك بما أنت عليه، وواقعك عليه، وكيف واقعك.
عاد اليابانيون وهـم مجاميع كثيرة، وبنوا بلادهم فعلاً حتى أصبحوا دولة صناعية كبرى، دولة تملك رأس مـال رهيـب جـداً، لهـا ثقـل اقتصادي عالمي، أصبحت منتجاتها تغرق الدنيا وهي بلد صغير!
لدينا من التربة أكثر مما لديهم، بلدنا أوسع من بلادهم. من أول المشروبات التي كانت تصل إلينا مشروبات يابانية نشربها من شركة [ميتسوبيشي] عصائر، هم كانوا يزرعون في قوارب في البحر، لاحظ كيف الرجال يعملون، ليست لديهم تربة، أراضي ضيقة، أراضي جُزُر هكذا مفككة، فكانوا يستغلون أن يصنعوا قوارب من الخشب أو من أي مادة ويبحثوا عن كيف يملئونها بالتراب، لأنه لا يوجد لديهم مساحات كافية لأن تزرع، بلد ضيق، يزرعون في البحر، يملئون الزوارق بالتراب ويزرعونه، يزرعون حتى في شرفات منازلهم، الأسرة نفسها تزرع الباميا والبطاط والطماطم في شرفات المنازل، تعمل على اكتفاء نفسها من الخضار من الأسطح لضيق الأرض لديهم، ومن البرندات، شرفات المنازل.
ما الفارق بيننا وبينهم؟ هو أنهم يعرفون من هم، ويعرفون الآخرين الذين كانوا يرسلون أولادهم إليهم من هم، ويرعون الطلاب عندمـا يسافـرون إلى أولئك، فلا يمشي إلا وقد هو فاهم. أصبحنا لا نعي من نحن، فما الذي تعرف بعد أن تكون لا تعرف من أنت؟ إذا أنت لا تعرف من أنت، ولا تعرف الآخرين من حولك فلا تستطيع أن تبني نفسك فعلاً.
t.me/shahidzaid