دروس من هدي القرآن الكريم من نحن ومن هم ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹من نحن ومن هم🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ شهر شوال 1422هـ | اليمن – صعدة
‏〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
وجدنا كيف أنفسنا أراضي كثيرة مهملة، ساحات واسعة صالحة للزراعة مهملة، ونستورد، نستورد كل شيء حتى [الملاخيخ]، نستورد كل شيء حتى [القلوة]! ألسنا نستوردها؟ يذهب واحد يشتري كم [فشار]! وهكذا وضعية البلدان الأخرى. تدخل سوق الملح، أسواق صنعاء، وترى فيها فاصوليا، وعدس، وترى فيها فول، وترى فيها مختلف الحبوب، هذا من استراليا، وهذا من الصين، وهذا من تركيا، وهذا مدري من أين!
كأن اليمن صخرة لا يصلح أن يزرع فيه شيء! أصبح وكأنه صخرة واحدة، ولو كان صخرة واحدة لاستطاع الناس كما عمل اليابانيون أن يزرعوا فوق سطوح المنازل وفي شرفات المنازل، ألم يكن بالإمكان أن يزرعوا فوق الصخرة؟ يعمل قليلاً من التراب فوق هذه الصخرة ويزرع فيها أي شجرة مفيدة؟
فعندما يفقد الناس الهوية فعلاً وتصبح وضعيتك بالشكل الذي يخدم عدوك، سيأتي عدوك ليقول: تحرك، تعلَّم، تعلَّم، لأنهم من وضعوا كل شيء لنا، هم من عرفوا كيف سنكون عندما نتعلم، لو أن هناك تعليماً صحيحاً يبني فعلاً هل يمكن أن نسمع من جانبهم كلمة تعلّم؟
لكنهـم لا يعملـون علـى أن نـزرع، حتـى الصنـدوق الاجتماعي ممكن يبني مراكز صحية، ممكن يبني مدارس، ممكن أن يبني حواجز مائية، لكن جانب الخدمة في الزراعة. لا، ممكن أن يعمل خزانات يشرب منها الناس، لكن أن يسقّـُوا المزارع منها. لا، لا يريدون أن نزرع، لأنهم يعرفون مـاذا يعنـي أن نـزرع، متى ما زرعنا ملكنا قوتنا، متى ملكنا قوتنا استطعنا أن نقول: لا، استطعنا أن نصرخ في وجوههم، استطعنا أن نتخذ القرار الذي يليق بنا أمامهم، فما دمنا لا نملك شيئاً لا نستطيع أن نقول شيئاً.
لهـذا تجد الزراعة في اليمن مهملة، الزراعة مدمرة، وهكذا تجد في بقية الشعوب الأخرى في السودان في مصر، كل البلدان هذه. الزراعة لا يهتمون بها، هيا تعلموا لكن لا تزرعوا! لو أن التعليم صحيح بالشكل الذي يجعلنا واعين، نعرف من هم ومن نحن، وكيف يجب أن نكون، لما تكلموا بكلمة واحدة: تعلّموا.
القرآن الكريم يركز على هذه الأشياء كمقاييس، لأنـه أحيانـاً قـد يبدو عدوك وكأنه ناصح لك، كأنه ناصح لكن إذا كنت تعرف من هو ستكون يقظاً.
لاحظ ما حصل لآدم مع إبليس، ألم يبدو إبليس أمام آدم أنه ناصح؟ أنا أريد أن تأكل من هذه الشجرة، من أجل أن تصبح ملكاً، أو من أجل أن تتخلد {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف: 21) أليس الله نبّه آدم قبل. أن الشيطان لكما عدو مبين؟ لا تأكل من هذه الشجرة، وقال: الشيطان هو عدو انتبه للشيطان هو عدو؟ نسـي آدم مسألـة العـداوة: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} (طه:115).
عهد إليه أن هذا هو عدو، وأنك متى ما أكلت من الشجرة ستشقى، افهم عدوك حتى وإن بدا أمامك وكأنه ناصح، بل يقسم الأيمان المغلظة أنه ناصح، ما الذي افتقد آدم؟ هو الشيء الذي نفتقده نحن أولاده، أو بعض أولاده، العرب، أو معظم المسلمين.
لم نفهم أن أولئك أعداء، عندمـا غابـت مـن أذهاننـا من هم، من خلال القرآن الكريـم الـذي سطـر أن آدم قـد قيـل لـه: إن الشيطـان عدو، لا تغتر به، تعامل معه كعدو، وسطر في نفس الوقت أن اليهود أعداء لنا، أن أهل الكتاب أعداء لنا، لما نسينا هذه كما نسي آدم سابقاً.
آدم لم يمر بدروس ربما، لكن نحن من بعد قرون أحداث كثيرة تبرهن تعرف من خلالها من هو العدو ومن هو الصديق إذا كنت ممن يفهم الأحداث، ويفهم نتائج الأحداث، وغايات الأمور.
لما نسينا هذه: أنهم أعداء، أنهم حاسدون، أنهم ما يودون لنا أي خير، أن قلوبهم مليئة بالحقد علينا، أنهم حريصون على إذلالنا، أنهم كذا، أنهم كذا. الخ، خصال متعددة نبهنا الله عليها في القرآن الكريم بالنسبة لهم نسيناها، بينما آدم نسي واحدة فقـط، نسـي أن الشيطـان عـدو، هـو قيـل لـه: إن الشيطان عدو، أما الله فقد قال لنا بالنسبة للآخرين من أهل الكتاب من اليهود والنصارى: هم حساد، لا يودون لكم أي خير، هم حاقدون، هم لا يحبونكم، ويكرهونكم، هم كذا، هم كذا.
نسينا هذه فما الذي جر علينا من وبالٍ نسيانُنا لهذا؟ أصبحنا نتثقف بثقافتهم، أصبحنا نحرص على أن نقلدهم في كل شيء بدءاً من كبارنا إلى أطفالنا ونسائنا، أصبحنا ننظر إليهم نظرة إكبار وإعظام وإجلال، أصبح الشخص منا يعتز بأنه أصبح شخصاً عصرياً وحضارياً عندما يمثلهم ويقلدهم في شؤون حياته فما الذي حصل؟ شقينا كما شقي آدم، ألم يشق العرب؟ تجمع لنا الشقاء والضلال كما شقي آدم عندما أُخرج من الجنة، إلا أنه لم يضل {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (طه:122) شقي في حياته، احتاج يقوم يشتغل، لم يعد معه لا ملابس ولا طعام ولا شراب، احتاج يقوم يكدّ.
لكن نحن على أيدي هؤلاء تجمع لنا الشقاء والضلال، الشقاء والضلال بكله، تجمع لنا على أيدي هؤلاء، لأننا نسينا من هم، والعجيب أيضاً تتجلى الأحداث إلى درجة عالية جداً من الوضوح، فيتجلى للعرب أن أمريكا وراء إسرائيل، وإسرائيل هي عدوهم، أليست الأشياء متجلية بشكل واضح جداً، لكن أصبح الناس في تيه وفي ضلال لدرجة أنهم لم يعرفوا ماذا يعني أنه إذا كان عدو، مـاذا يعنـي العـداوة، وكيف أتعامل معه؟
عدو ينطلقون ليبحثوا عن السلام من تحت أقدامه، عدو يعتزون ويتسابقون على الـولاء لـه، وأنه دولة صديقة، ويدخلون معه في مواثيق كثيرة، وفي اتفاقيات كثيرة، اقتصادية، ثقافية. الخ!
فإذا كان آدم شقي عندما خرج من الجنة بموقف واحد، ونحن تراكم لدينا الشقاء بشكل رهيب جداً، تراكم الضلال بشكل رهيب جداً.
إذا كان الله سبحانه وتعالى مشَّى النتيجة على وفق ما عمل آدم أنه سيشقى، سيشقى، وفعلاً أشقاه، خرج من الجنة بدون ملابس هو وزوجته {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّة} (الأعراف:22) نحن في نفس الوقت نرجو من الله بأنـه لا يحصـل شقـاء، لا يحصـل مـدري أيـش. ومدري. أو ننتظر منه هو، لكن. لا، المسألة هي هكذا: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه:123).
ألم يحسم الموضوع مـن أول مـا نـزل آدم؟ مـن أول مـا أهبط آدم؟ {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي} ذكره الذي هو هداه، وتذكره هو سبحانه وتعالى {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} وأيضاً ماذا؟ وسيعيش ضالاً تائهاً في فكره وثقافته فيحشر يوم القيامة أعمى {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (طه:124).
t.me/shahidzaid

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com