دروس من هدي القرآن الكريم من نحن ومن هم ملزمة الأسبوع | اليوم الخامس ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹من نحن ومن هم🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الخامس
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ شهر شوال 1422هـ | اليمن – صعدة
‏〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
تلك الآيات التي قرأناها في وقت العصر، عندمـا نرجـع إلى تفسيرها هي في كتاب هو من أبرز الكتـب لدينـا، تفسيـر [الزمخشـري] الزمخشـري معتزلي سني، وهو من التفاسير التـي متـى مـا قـرأه واحد أصبح (الأخ العلامة) في مصطلحاتنا، اقرأها تجد تفسيره لها وإذا هي بالشكل الذي تعتبره في الواقع يهبط بالقرآن ويهبط بك إلى تحت الصفر في المسألة، يضيِّق المسالة جداً بشكل رهيب جداً، يعطل الاستفادة الكاملة من هذه الآيات بما هو أقرب شيء إلى المسخ، مع أنه انطلق يفسر بجدية.
هو ذهب ليفسر في مكة عند الحرم، وانطلق في تفسيره على أساس أن يقاوم المجبرة، وهذا هو الذي جعلنا نحن الزيديـة نعجـب بتفسيره أنه معتزلي فيما يتعلق بمقاومة المجبرة في معتقدات معينة، يتحدث ويتعرض لهذه المسائل فينتصر لجانب العدل ولجانب التوحيد.
لكن لم تكن المسألة بالشكل الذي يمكن أن يعطيك القرآن هو عندمـا ترجع إليه من خلال قرنائه، مثلما قال الإمـام الهادي: (القرآن يدل على العترة، والعترة تدل على القرآن) فبذل الزمخشري جهداً كبيراً، وفسر في في أربعة أجزاء في مكة، ولكن تعال إلى القرآن من خلاله، وبعد أن تستقرئ الأحداث، الأحداث التي كشفت العقائد الصحيحة، والعقائد الباطلة، كشفت النظرات الصحيحة، والنظرات الباطلة، الأحداث هي دروس.
الكون هو كتاب آخر يكشف أيضاً صحة هذا الكتاب نفسه، القرآن يكشف كيف يمكن أن تكون الأحداث على النحو الذي تحدث عنه، كيف يمكن أن يكون واقع الحياة علـى النحـو الـذي تحـدث عنـه، لهـذا تأتي بعد كل فقرة من المواضيع المهمة التي فيها هداية الأمـة إلـى أشيـاء مهمة جداً يقول فيها: آيات الله {تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} (البقرة: 252) {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: 103).
تعتبر أعلام تكشف لك الحقائق، ومن خلال الرجوع إلى القرآن، والرجوع إلى الأحداث والوقائع، والرجوع إلى العترة تتجلى الأمور بشكل آخر، فترى في الأخير أن هذا المفسر، أو هذا، أو هذا من أولئك تصبح المسألة – على الرغم من حسن نيته وعلى الرغم من جديته – تصبح المسألة وكأنها تضييع للقرآن، تضييع للقرآن حقيقة.
لأن هذا ربما انطلق بنظرة أنه يريد أن يقدم لك القرآن لكن من منطلق آخر مثلاً، أو هو نفسه ما زال يحمل عقائد تجعله بالشكل الذي لا يهتدي إلى القرآن بالشكل المطلوب، أو يعطف القرآن على ما لديه من عقائد هي مغلوطة، فجاء بهذا الشكل.
لهذا الإمـام الخمينـي قـال في كلمة أنه عندما يرجع إلى تفاسير معينة، لم ير تفسيراً يلبي ما يريد، يعود إلى التفاسير لكن ما رأى التفسير الذي يشبع الموضوع القرآني، يكشف القضية بالشكل المطلوب، ما حصل ذلك نهائياً.
بعـض العلمـاء – فعلاً – يقولـون: إن القـرآن واسـع بالشكل الذي لا يمكن لأحد إطلاقاً أن يحيط به علماً، مثلما قال الإمام علي بأنه: (بحر لا يدرك قعره)، لكن وفي المقابل يأتي آخرون فيقولون بأنه لا يمكـن أن يكـون فيه خطاب لا نفهمه نحن، أي لا يفهمه أي واحد منـا، هـو كتـاب لـه آلية معينة، ومن خلال هذه الآلية مثلما قال الزمخشري: نهتم بالمعاني والبيان، أي: في جانب معرفة البلاغة، وندخل إلى القرآن، والقرآن يجب أن نفهم فيه كل شيء! لو افترضنا بأن فيه شيء أنا لا أفهمه يعني ذلك أنني أصبحت مكلفاً أن الله كلفنا بشيء ونحن لا نفهمه.
فهذه النظرة هي نفسها ضيقت القرآن، لأنها انطلقت من مسألة التكليف بالأحكام الخمسة، ومن منطلق أن القرآن هو كتاب تشريعي يدور في هذه الدائرة: التكليف الفلاني، وليس كتاب هداية، فعندمـا ينظر الإنسان هذه النظرة الضيقة يصبح القرآن فعلاً ضيقاً.
وفي الأخير ما الذي سيحصل؟ ستجده في الأخير ما أفادك بشيء، فترجع إلى أشياء أخرى فتغرق في الضلال، فتغرق في الضلال، ثم تصبح مجاملاً لتلك الآيات، تجاملها فقط مجاملة، وإلا لم يعد فيها شيء.
لكن ترجع إلى القرآن ككتاب هداية، ومتى مـا رجعت إلى تفسير من التفاسير فأيضاً من هذا المنطلق: أنه ما الذي يمكن أن يعطيني هذا المفسر بالنسبة لهذه الآيات من وجهة نظر بحث عن هداية، ليست مسألة حفظ أو ما حفظ، فسيمكن أن الإنسان سيستفيد من القرآن، ويستفيد الناس جميعاً من خلال القرآن، وكل إنسان بحسب معرفته، بحسب صحة نظرته، فيفهم الناس الكثير من القـرآن ولـو علـى أقـل تقديـر مـا يعزز ثقتهم بالله سبحانه وتعالى، ما يرسخ في نفوسنا الخوف منه، ما يجعلنا نهتدي بأشياء كثيرة وضعها، كأعلام، مقاييس، قواعد، ترسخ لدينـا وعـي ننطلق منه.

تجد من العجيب أن كل الناس يقولون: أن الله تحدث عن اليهود كثيراً في القرآن، ألم يتحدث عنهم كثيراً في القرآن؟ لكن نسوا بـأن مـن تحـدث عن اليهود في القرآن ليس من الممكن إطلاقاً أن يتحدث عنهم ثم لا يوجه الأمة إلى كيف تكون في ميدان مواجهتهم، أصبحـت النظـرة إلـى مـا عرضه عن أهل الكتاب في القرآن الكريم وكأنه عرض تاريخي، وسرد تاريخي، قصصي فقط.
الخلاصة: العودة إلى القرآن من منطلق ثقة، بالاعتماد على الله سبحانه وتعالى، والنظرة إلى القرآن بأهميـة كبـرى، أن يكـون للقرآن مكانة كبيرة في نفسك، تُجِلّ القرآن، تعظّم القرآن، حتى تثق بتوجيهاته، وإلا فأحياناً قد تصبح عالماً، تسمى عالماً، تصبح عالماً كبيراً وعمرك كم سنين وأنت مقروي، لكن ويبقى في واقع المسالة تعاملك مع القرآن بالشكل المهزوز، فتصبح لا تستفيد منه حتى لو أصبحت عالماً لديك مكتبة كبيرة.
لاحظ كيف جانب واحد تحدثنا عنه، جانب أننا نسينا من هم هؤلاء، ولـم نتعامـل معهم من منطلق ما يوحي به القرآن في كيف يجب أن نتعامل معهم كأعداء. فتجمّع لنا الشقاء والضلال، الشقاء والضلال بكله، تجمّع لنا على أيدي هؤلاء.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com