🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹الهوية الإيمانية🔹 ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹الهوية الإيمانية🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 31/1/2002م | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️‏
يأتي أيضاً الإيمان بكتب الله، الكتب السابقة، إضافة إلى القرآن الكريم التوراة والإنجيل والزبور وغيرها كصحف إبراهيم عليه السلام وغيرها من الكتب السماوية الإلهية، ما نعرفها وما لا نعرف أسماءها.
{وَرُسُلِهِ}، الإيمان بكتب الله ورسله السابقين له أثره أيضاً فيما يتعلق بنفوس العاملين في سبيل الله حينما يرون أنفسهم بأنهم امتداد لخـط إلهـي واحـد يتمثل في خط كتب الله ورسله، والسائرين على نهج كتبه ورسله جيلاً بعد جيل وعصراً بعد عصر، منذ أول نبي وأول كتاب إلى خاتـم الأنبيـاء وخاتم الكتب القرآن الكريم وسيدنا محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) هناك تشعر بطمأنينة أنك تمشي وتسير في هذا الخط الذي رسمت لك غاياته، ونهايته في آيات القرآن الكريم، العاقبة التي يسير إليها أولياء الله، الجزاء العظيم الـذي ينالونه في الدنيا وفي الآخرة، فترى نفسك لست وحيداً. وهكذا الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما انطلق لحمل الرسالة تنزلت آيات الله عليه لتخبره بأن هناك أنبياء سابقين عليه أن يؤمن بهم، أن يهتدي بهم، أن يصبر كصبرهم، مجرد إخباره بأنه واحد من سلسلة طويلة من الأنبياء والمرسلين السابقين، له أثره الكبير في نفسيته في ميدان العمل، وهكذا المؤمنون.
الإيمان بكتب الله أيضاً هو إيمان بتدبير الله الدائم المستمـر للسابقيـن مـن عبـاده والمتأخريـن، بقيامـه سبحانه وتعالى بهداية عباده السابقين والمتأخرين، وأنه لم يأت في عصر من العصور ليهمل عباده، ولم تقفل ملفات كتبه في أي زمن من الأزمنة، ولا عن أي جيل من الأجيال على امتداد التاريخ.
إيمان بوحدة الرسالات، إيمان بوحدة الهدي الإلهي لعباده، هذا الذي يتركه الإيمان بكتب الله في نفوس المؤمنين من أثر تركه قبل في نفس الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله).
{وَرُسُلِهِ} الإيمان برسل الله سواء من عرفنا أسماءهم في كتاب الله الكريم، ومن لم نعرف عنهم {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} (النساء: من الآية 164) رسل أخبر الله محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله) بأسمائهم في كتابه الكريم ورسلاً لم يخبره بأسمائهم.
الإيمـان مـن جانبنـا برسل الله يعني: إيمان بأن الله سبحانه وتعالى – كما ذكرنا سابقاً فيما يتعلق بالكتب – لم يهمل عباده في أي فترة من فترات الأمة، لم يهملهم عن نبي من أنبيائه، أو عن ولي من أوليائه، ووارث من ورثة كتبه يسير على نهج أي نبي من أنبيائه السابقين الذين تركوا كتباً في أممهم.
الإيمان بالرسل كشخصيات مهمة، أشخاص مهمون، اصطفاهم الله، أكملهم الله، لم يكونوا أناساً عاديين، أنت حينئذٍ ستحس وأنت تؤمن بأولئك العظماء – على امتداد التاريخ – تحس بافتخـار، بعـز، برفعـة نفس، أن قدواتك على امتداد التاريخ، أن من أنت تسير علـى نهجهـم، وعلـى طريقهـم هـم أنـاس عظمـاء، اصطفاهم الله وأكملهم واختارهم لأن يكونوا هم المبلغين لدينه، لهديه إلى عباده.
الإيمان بالرسل نحن في حاجة ماسة إليه على هذا النحو، فالقرآن الكريم عرض لنا عدداً كبيراً من الأنبياء والرسل وشرح لنا كثيراً من أحوالهم وأورد كثيراً من نصوص دعواتهم، وأبان كثيراً من أساليب دعوتهم، وكشف لنا كثيراً عن خصائص نفسياتهم، فيما تحمله من جدٍ، من اهتمام، من إخلاص، من نصحٍ، من حرص على البشر لهدايتهم إلى صراط الله المستقيم.
في مسيرة الرسل (صلوات الله عليهم) الكثير من الدروس، الكثير من العبر، لكنها كلها لن يكون لها قيمة – وهذه هي المشكلة – أن من رضي لنفسه بأن يظل جامداً فكل شيء لن يكون له قيمة لديه.
متى انطلقت، متى شعرت بتحمل المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، أن تكون من أنصار دينه، أن تكون من العاملين في سبيله، حينها ستعرف قيمة كل شيء وأهمية كل شيء، كم من الأنبياء في القرآن الكريم عرفنا كثيراً من أخبارهم، عرفنا كثيراً عن تلك الأمم التي بُعثوا إليها. ولكن نمشي على كل تلك القصص المهمة دون اعتبار، دون استلهام مـا نحـن بحاجة إليه من واقع تلك الشخصيات المهمة، دون تعرّفنا على السنن الإلهية، دون تعرفٍ على الأساليب المهمة التي يجـب أن يتوخاهـا، وأن يعمـل بهـا العاملون في سبيل الله، هكذا ستجد في سيرة الأنبياء، في أخبار الأنبياء، في قصصهم مـا هـو عبـرة لأولـي الألبـاب، ما هو دروس عظيمة ومهمة.

الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أخبرنا القرآن الكريم بأنه كان بحاجة إلى أن يقص عليه أنباء الرسل السابقين قبله، فقص عليه من أنباء الرسل، وقال بأن الغاية مـن ذلـك هو: {مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}، لأن فؤاد النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) فؤاد رجل، قلب رجل مهتم، يعمل، يتحرك، وأمام كل الأحـداث، أمام كل المتمردين، أمام المعاندين، أمام كل الظروف والمواقف الصعبة، فسيكون لأخبار الأنبياء السابقين أثره الكبير في تثبيت فؤاده {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود: 120) {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} (يوسف: 111). رسل الله وتلك الأمم التي بعثوا إليها عدد كبير، وأمم كثيرة، وأجيال متعاقبة، وأزمنة مختلفة، ونفسيات متعددة، وأحوال متباينة.
من حسن حظنا نحن المسلمين الذين نحن آخر الأمم أن كان بين أيدينـا رصيـد عظيـم، رصيـد مهم مليء بالعبر والـدروس، مليء بالمواقف المتماثلة، والمواقف المتباينـة، كلهـا دروس مهمـة، تـراث مهـم. فمـن العجيب، ومن الغريب أن تضل أمـة بيـن يديهـا هذا التراث العظيم، هذا الرصيد المهم الذي عرضه القرآن الكريم بين يديها. تجـد في أنبياء الله – على الرغم من كمالهم، هم في أنفسهم، باعتبار الظروف، وباعتبار نوعيات الأمم التي بعثوا إليها – تجد وحـدة الأنبياء، روحية الأنبياء الواحدة على اختلاف الزمان والفارق الكبير بين كل نبي ونبي، تشعر وكأنك أمام مجموعة من التلاميذ عاشوا فـي زمـن واحـد، وتلقوا تعليمهم على يد أستاذ واحد، هذا نفسه هو شاهد حي على أن بإمكان منهج الله سبحانه وتعالى، وهديه أن يبني أمة متوحدة.
مـن الذي يقرأ أخبار أولئك الأنبياء ثم لا يلمس أنه أمام روحية واحدة، ونَفََس واحدة؟ تقرأ عن نوح عليه السلام، عن إدريس عليه السلام ، عن إبراهيم عليه السلام، وهكذا، وهكذا إلى أن تصل إلى نبينا محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) إذا بك ترى نفسـك أمـام مجموعـة واحـدة، كلهـا علـى قلب رجل واحـد، نظرتهـا إلـى الحيـاة واحدة، اهتمامها بعباد الله واحد، تفانيها في ميدان العمل من أجل الله واحد، علاقتها بالله سبحانه وتعالى، منطلقها واحد، لنقول لأنفسنا نحن في هذه الأمة التي تفرقت وتمزقت بعد أن حذرها الله في كتابه الكريم، ونهاها عن التفرق والاختلاف، وأن لا تقع فيما وقعت فيه جملة من الأمم السابقة قبلها {وَلا تَكُوْنُوا كَالّذِيْنَ تَفَرَّقُوْا وَاخْتَلَفُوْا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمْ} (آل عمران:105). نقول لأنفسنا: ما الذي فرقنا؟ هل هو دين الله؟ هل هو هدي الله؟ إن هدي الله استطـاع أن يوحـد ويخلـق روحيـة واحـدة لمجاميـع مـن أنبيائه ورسله وأوليائه على اختلاف عصورهم، على اختلاف فئاتهم، على اختلاف مجتمعاتهم.
لنقول لأولئك الذين يشرّعون الاختلاف، ويؤصلون للفرقة: ليست هذه هي روحية الأنبياء، هذه ليست هي الروحية التي يمكن أن يخلقها هدي الله في نفوس الأمة، ليعرفوا هم جسامة الخطأ الذي ارتكبوه، ومـا زالوا يرتكبونه، أن ينطلقوا إلى أولئك الذين سيكونون هم الفئة التي تنطلق لإصلاح المجتمع، الفئة التي تحمل دين الله، ليقولوا لكل واحـد منهـم أن لـه صلاحيـة أن ينطلق معتمداً على نفسه فيدين بما أداه إليه نظره واجتهاده، مع علمهم ومع علمنا جميعاً بالتباين الذي يحصل في وجهات النظر وفي النتائج التي تحدث بناءً على اختلاف وتعدد وجهات النظر. هل هذا دين الله؟ ليس هذا دين الله.
نرجع إلى هدي الله في كتابه الكريم الذي أبان لنا أمةً واحدة، وليس فقط الأنبياء بل عرض علينا شخصياتٍ أخرى من أوليائه، ومجاميع أخرى من أوليائه ليبين لنا نفسياتهم كيف هي وهم في ميدان الاهتداء بهدي الله والالتزام بدينه، والعمل في سبيله، تراهم كذلـك نموذجـاً واحداً، تراهم كذلك نفسيات واحدة، ونظرةٌ واحدة، ووعياً واحداً.

هذا مما يمكن أن نستفيده من خلال التعرف على أنبياء الله ورسله في القرآن الكريم. تجد في الوقت نفسه الأمم التي بعث إليها الأنبياء والرسل كيف كانت أساليبهم واحـدة، كيـف كانـت بواعث تمردهم وعنادهم ودعاياتهم ضد الأنبياء واحدة، {تَشَابَهَتْ قُلُوْبُهُمْ} هكذا قال الله عنهم، إنما أحياناً – وهو الشيء الطبيعي – مع تعاقب الأمم أن تكثر الدروس، وتتعدد المواقف التي تتجلى من خلالها الدروس والعبر في هذا الاتجاه، أو في هذا الاتجـاه، فـإذا نحن نرى أنفسنا أن بين أيدينا تراثاً مهماً، رصيداً مهماً لكننا ونحن كطلاب علم نرجع إلى الأنبياء، أو نرجع إلى نظرتنا إلى الأنبياء فنجد أنها نظرة غير واقعية ونظرة غير حقيقية بسبب الأخطاء الثقافية التي تلقيناها فقدمت لنا الأنبياء مجموعة من المساكين الذين لا يعرفون كيف يتحركون، والذين لا يكادون يعرفون كيف يتكلمون، [أناس أجواد أطياب مساكين الله]، فلم يكن هناك ما يمكن أن يجعلنا نستلهم من حياتهم، ومن أساليبهم، ومن حركتهم، ومن أعمالهم ومن مواقفهم الدروس المهمة. فإذا بنا نعطل تلك الآيات الكثيرة، على الرغم من قول الله لنا في كتابه الكريم أن في قصص الأنبياء تثبيتاً لفؤاد نبيه.

╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com