🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹 الثقافة القرآنية 🔹 البرنامج الرمضاني || اليوم الثامن – الدرس الثالث ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 4/8/2002م | اليمن – صعدة
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹 الثقافة القرآنية 🔹
البرنامج الرمضاني || اليوم الثامن – الدرس الثالث
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/8/2002م | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
وأعتقد أنه يجب أن يكون أبرز عمل لنا في المراكز، وأبرز عنوان في المراكز وفي حياتنا الثقافية بصورة عامة هي أن نحرص على أن نتثقف بثقافة القرآن الكريـم، وأن نـدور حـول القـرآن الكريـم، ونهتـم بمعارفـه وعلومـه، ونوطِّـن أنفسنـا على أن نكون من النوعية الممتازة التي أثنى عليها داخله (المؤمنين).
عندما يقرأ الإنسان صفات المؤمنين في القرآن الكريم يجد صفات راقية، وعندما تعود إلى المجتمع تجدها صفات مفقودة، أليس هذا حاصل؟ وكأن القرآن يتحدث عن نوعية من الناس ليست موجودة؟
إذاً فعندما أنت تقول – وهذا من الخداع للنفس، الإنسان قد يخدع نفسه -: أنا أريد أن أعرف ما لي وما عليّ، ولا أرى أن مما عليّ هو أن أكون ممن يتمتع بتلك المواصفات التي ذكرها الله لأوليائه والمؤمنين من عبـاده فـي القـرآن الكريـم فأنا أخدع نفسي؛ لأن الجنـة أعدت لمن؟ أعدت للمؤمنين، أعدت للمتقين، أعدت لأولياء الله، والعـزة فـي الدنيـا أعـدت للمؤمنيـن {وَلِلَّهِ الْعِـزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (المنافقون: 8) الرفعة، الشرف، القوة، التمكين هو للمؤمنين. وفي الآخرة الحساب اليسير لمن؟ لأولياء الله، الأمن لأولياء الله {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ألم يقل هكذا؟ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (يونس:62-63)
فعندما يظن الإنسان أن بإمكانه أن يقرأ كتاباً فقهياً، وهو يعلم أنه عندمـا يقرأ القرآن يجد أن بينه وبين تلك المواصفات التي عرضها الله عن أوليائه عن المؤمنين عن المتقين، أن بينه وبينها مسافات، ويرى الناس من حوله، يرى زملاءه، يرى أسرته، يرى المجتمع كله من حوله بعيد عن هذه فاعرف بأنك تمشـي علـى طريق هي غيـر الطريـق التـي رُسمـت للمؤمنين، تؤدي بك إلى غاية هي غير الغاية التي تؤدي إليها السبيل التي رُسمت للمؤمنين. أين يسير المؤمنون؟ أليسوا يسيرون إلى الجنة، يكون حسابهم يسيراً، يُبعثون فرحين يوم القيامة آمنين، ويساقون مكرمين إلى الجنة، فهل تنتظر أنت وأنت تقول: أنـك تريد أن تعرف ما لك وما عليك، وأنت لا تحاول أن تتحلى بهذه الصفات التي ذكرها القرآن الكريم للمؤمنين هل تنتظر أن تحشر كالمؤمنين؟ وأن تدخل الجنة كالمؤمنين؟ لا.
والقضية أسوأ من هذه القضية أيضاً، من جانب آخر أسوأ إذا لم يكن الإنسان الذي ينطلق للتعليم، الذي يحمل اسم (مسلم) إذا لم ينطلق وفقاً للمواصفات القرآنية التي أرادها الله للإنسان المسلم فإنه سيكون من يخدم في حياته الباطل أكثر مما يخدم الحق، يخدم الباطل حتى وإن حمل علماً، خاصة إذا كان باطل وراءه يهود.
نحن نقول أكثر مـن مـرة، نقـول أكثـر مـن مـرة: اليهـود يستطيعون أن يُسَيِّروا علماء لخدمتهم، أن يسيروا عبّاداً لخدمتهم، إذا لم نعد إلى القرآن ونتثقف بثقافته بمعنى صحيح وبشكل جاد. فإنهم يستطيعون أن يُسيّروا إنساناً يتعبد ليله ونهاره لخدمتهم، عالم قد يخدمهم.
قد تتعلم وتتخرج وتخدم اليهود من حيث لا تشعر، من حيث لا تشعر؛ لأنك حينئذٍ لا تتمتع بحكمة، ليس لديك رؤية حكيمة، لا تتمتع بالمواصفات الإيمانية، المواصفات التي ذكرها الله لأوليائه في القرآن الكريم، التي تمنحهم القوة، وتمنحهم الحكمة، وتمنحهم زكاء النفس، فتضل وأنت تحمل القرآن، وهذا من أسوأ الأشياء، ومن أعظم الأشياء إساءة إلى القرآن وإلى الله أن تحمل القرآن الكريم، أن تتعلم القرآن الكريم أو تُعلم القرآن الكريم وفي نفس الوقت تبدو إنساناً هزيلاً، ضعيفاً في مواقفك من أعداء الله.
القرآن الكريم كله قوة، كله عزة، كله شرف، كله رؤى صحيحة وحلول صحيحة تعطي كل من يسيرون على نهجه أن يكونوا بمستوى أن يضربوا أعداء الله كيفمـا كانـوا وكيفمـا كانـت قوتهـم، فالـذي يجهل القرآن الكريم ولا يتثقف بثقافته – وإن كان يتلوه ليله ونهاره – هو من سيكون في الواقع ممن نبذوا كتاب الله وراء ظهورهـم، وستـرى أن الشخـص الـذي يحمل القرآن وتراه ضعيفاً في مواقفه من أعداء الله، ضعيفاً في رؤيته للحل الذي يهدي إليه القرآن فاعرف أنه بمعزل عن القرآن الكريم، وبعيد عن القرآن الكريم، وأنه يسيء إلى القرآن، وأنه في نفس الوقت سيعكس وضعيته هذه المتردية وضعفه على الآخرين، فيصبحُ قدوة للآخرين في ضعفه بدلاً مـن أن يكـون قـدوة للآخريـن – وهو يحمـل القـرآن الكريم – في قوته، فنحـن يجـب أن نتعلـم القـرآن الكريم، وأن نتثقف بثقافته
ومما يعطينا القرآن الكريم أننا سنعرف كيف نقيّـم الآخريـن، فأعـرف أن هـذا مواقفـه قرآنيـة ومنسجمة مع القرآن، أن هذا – مهما كان شكله، مهما كانت عبادته، مهما كان يمتلك من كتب – تبدو وضعيته غير منسجمة مع القرآن الكريم، رؤاه غير منسجمة مع القرآن الكريم، في الوقت الذي يحث القرآن الكريم الناس على الجهاد، يحثهم على الوحدة على الأخوة على الإنفاق في سبيل الله، علـى أن يبيعـوا أنفسهـم مـن الله علـى أن يأمـروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ويأمرهم بأن يقاتلوا أعداء الله، تجـد كلامـه – والمسبحة فـي يده – [مالنا حاجة وأحسن للناس يسكتوا، وقد يجن الناس على أنفسهم] كلام من هذا النوع، هذا لا يمكن أن يكون منسجماً مع القرآن الكريم.
سنصبح ضحايا لكثير ممن يحملون علم إذا لم نُمنح – نحـن كطـلاب علـم كنـاس مسلميـن – نُمنح مقاييـس قرآنية نستطيع من خلالها أن نعرف ما هـي المواقـف الصحيحة، ومن الذي تعتبر مواقفه صحيحة، وحركته قرآنية، ومن الذي هو بعيد عن القرآن الكريم، سيصبح الإنسان ضحية، قد تسمع مثلاً [يا رجال سيدي فلان أو سيدنا فلان ذاك عالم كبير ولا يهتم بهذه الأشياء، ولا يقول كذا، هو يقول للناس فقط سيثيرون الآخرين على نفوسهم، أحسن للناس يسكتوا ولا يتفوهوا بكلمة ولا.. ولا.. لسنا أحسن منه، هل فلان أحسن منه].
أليس هكذا يتصرف الناس على هذا النحـو؟ لا. يجـب أن نرجع إلى القرآن الكريم فنستفيد منه كيف نكون حكماء في رؤيتنا، في تقييمنا لأنفسنا أولاً، وفي تقييمنا للآخرين من حولنا، وفي معرفتنا لما يذكره أعداؤنا، وفي معرفتنا لما هو الحل في مواجهة أعدائنا.
متى قدم القرآن الكريم السكوت المطلق كموقف حكيم في مواجهة أعداء الله؟ قد يُوجّـه في مرحلـة معينة فيقول: أعف وأصفح، في فترة معينة، وأنت تعمل في نفس الوقت، تعمل لا تتوقف إطلاقاً، لكن أجِّلْهم في الموقف هذا، وهم ضعاف، هم لا يشكلون خطورة بالغة، فلا تنشغل بهم، وفي نفس الوقت أنت تعمل، أنت تهيئ، أنت تجهز، سرًّا وعلناً مواقف واضحة.
نعم.. قد يَرِد في القرآن الكريم أحياناً عبارات من هذه: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: 109) ماذا يعني حتى يأتي الله بأمره؟ وهل الرسول سيعفو ويصفح ويوقِف كل شيء، أم أنه كان ينطلق ويتحرك باستمرار؟ ينطلق ويتحرك باستمرار، إنما ربما المنطلق هذا مـن أجل يهود معينين لازالوا مستضعفيـن، موقفهـم قـد يكـون غيـر خطيـر فـي ذلـك الزمن، أو قبيلة معينة منهم فأتركهم لا تنشغل بهم، لا تؤاخذهـم علـى هـذا فتغرق أنت في الاشتغال بهؤلاء بمفردهم.
ينطلق في العمل العام، وفي بناء مجتمع قوي، وفي بناء دولة، وفي بناء أمة، هناك أَمرُ الله في الأخير يستطيع أن يضرب هؤلاء إذا لم يقفوا عند حدودهم، إذا لم يهدوا، إذا ما ظلوا يحيكون المؤامرات ضد النبي وضد الإسلام. لم يأت في القرآن توجيهات بالسكوت المطلق.
╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝