🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹 الثقافة القرآنية 🔹 البرنامج الرمضاني || اليوم الـ 13 – الدرس الثامن ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 4/8/2002م | اليمن – صعدة
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹 الثقافة القرآنية 🔹
البرنامج الرمضاني || اليوم الـ 13 – الدرس الثامن
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/8/2002م | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
فالقرآن الكريم هو في هذه المرحلة معرض لحرب شديدة، ونحـن معرضـون لثقافـات متعـددة، عندمـا تنـزل (ملزمة من وزارة الأوقاف) تثقف الناس حول طاعة ولي الأمر، تجمع كل تلك الأحاديث التي لا يقبلهـا حتـى ولا الأمريكيـون، لا يقبلهـا حتـى ولا الأوربيون، بوجوب طاعة الحاكم وإن كان ظالماً، وإن كان غشوماً، وإن كان لا يهتدي بهدي ولا يستن بسنة، وإن أخـذ أمـوال الناس، وإن استبد بخيرات البلاد له ولأسرته، يجب أن تسمع وتطيع وتصبر وتسأل الله ما لك وأَدِّ ما عليك، أدّ زكاتك، وأدّ ضريبتك. وعندما تقول نريد كذا؟ لا. اسأل الله، ولا تعترض، ولا تنقد إلا إذا تمكنت أن تأخذ بيد الحاكم وتحادثه وتشاوره سراً، أما أن تنقد، أما أن تعترض، أما أن تهاجمه. فلا، هذا يعتبر تشهير بالسلطان، بمن هو ظل الله في أرضه وهكذا.
ملزمة تنـزل وتعمم، ويُراد منها أن يتثقف بها الخطباء والمرشدون؛ ليخاطبوا المجتمع بها، هذا شيء مما يُعد حرباً للقرآن نفسه، وتمهيداً لأن يسيطر علينا عملاء أمريكا، وتمهيداً لأن يحكمنا حتى اليهود أنفسهم.
من العجيب أن هذه الملزمة نفسها في آخرها لم يكتفِ بمسألة أن تسمع وتطيع للحاكم الظالم، بل وحتى وإن كان هناك كفر وهيمنة كفر، أنـت يمكن أن تعيش في ظله، عندما ترى نفسك، عندما يرى الناس أنفسهم أنهم لا يستطيعون أن يزيلوا هذا الكفر، إذاً فليعيشوا وبسْ، فيكذبون على الناس كذبه رهيبة جداً، وقد يُخدَع الناس بشكل كبير عندما لا يفهمون.
قالوا: (رسول الله عاش في ظل الكفر ثلاثة عشر سنة في مكة). أليست هذه من تقديم حياة الرسول الجهادية، حياة وهو يصدع بما يؤمر، حياة وهو يباين أقاربه، ويباين قومه، حياة وهو يُعذَّب أصحابُه، وهو يلصق به أسوأ التهم، تارة يقولوا شاعر، وتارة يقولوا مفتري، كذاب، ساحر، ويقولون عن القرآن الذي جاء به أساطير الأولين، وهو يتصارع مع أولئك تفسر في الأخـير أنها ماذا؟ أنها عيش في ظـل نظـام الكفر، فكمـا عاش ثلاثة عشـر عاماً – وهو النبي – إذاً ممكن كلنا نعيش في ظل الكفـر. مـاذا يعني هذا؟
هذا يعني خطوة أولى تمهيداً لهيمنة اليهود علينا، فيكون لدى الناس قابلية لهيمنة اليهود؛ لأنه الآن هناك نظرة قائمة: إكبار لأمريكا وإسرائيل، حينها أي واحد سيقول: نحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً. أما إذا قد قُدِّمت على هذا النحو إذاً فبالإمكان أن تعيش ولا مسؤولية عليك في ظلهم! أما إذا قالوا لك رسول الله هو كان هكذا، إذاً فالجنة مفتحة لك أبوابها، وإن كان الشر هو الذي يحكمك.
هذا شيء سيئ جداً، وسيئ جداً أن ينـزل من إدارة هي معنية بالوعظ والإرشاد في عموم الجمهورية كلها، وأن تنـزل نزولاً ليس تلقائياً إلى المكتبات، بل نزولاً في دورات تدريبية تأهيلية لمرشدين وخطباء لينطلقوا ليثقفوا الناس هم بهذه الثقافة، أليس هذا إبعاد للناس عن روح القرآن – الذي يأمـر الناس بمواجهـة أعـداء الله، بمواجهـة الكافريـن، الظالمين، الفاسقين، أهل الكتاب – أن يكونوا عمليين مجاهدين {قَاتِلُوا الَّذِيـنَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَـا حَـرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُـهُ وَلا يَدِينُونَ دِيـنَ الْحَـقِّ مِـنَ الَّذِيـنَ أُوتُـوا الْكِتَـابَ حَتَّـى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} (التوبة:29) يعطونها وهم يعترفون بأن أيديكم فوق أيديهم، يعترفون بصَغارهم تحت هيمنتكم، {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
عندما تخرج من قراءة تلك الملزمة، وعادةً القارئ يكون أقرب شيء ملاصقة لذهنه آخر ما يخرج به من كتاب معين من ملزمة معينة، فكان آخر ما تخرج به من تلـك الملزمـة هـو مـاذا؟ كـلام (للفـوزان وللألباني) – الذي كان عالم السنة قبل فترة، وعالم معتمد في تصحيح الأحاديث وتضعيفها – عندهم – أنه قال و بالحرف الواحد (أنه لا يجوز الخروج على الكافر المقطوع بكفره إطلاقاً) – بالعبارة هذه – عندما يكـون الناس في وضعية يرون أنفسهم أنهم لا يستطيعون أن يزيلوا الكفر.
نعم. كان ممكن أن تترك الكلام إلى هذه الدرجة، أما أن تقول فقد عاش رسول الله في ظل هيمنة الكفر ونظام الكفر ثلاثة عشر عاماً، هذا مسخ للحقيقة، وهذا إساءة للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله).
القرآن يتحدث عن معاناة رسول الله وهو في مكة، عما كان يعانيه من صراع مع الكافرين، وهو مباين للكافرين، كيف يقال بأنه عاش في ظل نظام وهو يدعوهم بالحرف الواحد إلى أن يطيعوه؟ هو رسول الله إذاً يجب عليهم أن يطيعوه، يجب أن يتخلوا عما هم عليه، لدرجة أنه لم يقبل منهم أن يكون مجرد حاكم عليهم على ما هم عليه. ألم يعرضوا عليه أن يحكمهم إذا أراد أن يكون ملكاً؟
المسألة أرقى من أن يكون ملكاً، فكيف يقول هذا بأنه عاش في ظل هيمنتهم، وهم قد بلغ بهم الحال، وأوصلهم هو إلى درجة أن يعرضوا عليه أن يكون ملكاً عليهم؟ المسألة أرقى من هذه، هي أن يطيعوه نبياً يأتمـروا بأمـره، يهتـدون بهديـه، يتخلـوا عمـا هـم عليه. أليس هذا قمّة الصراع؟
مسألة أنه لم يدخل معهم في قتال ميداني؛ لأنه لم يتوفر له جنود، لم يتوفر له أنصار، وإلا فكان يفكر، وكان يعرض نفسه على القبائل من الذي سينصره، ما معنـى (سينصـره)؟ أن يقـف فـي وجـه الكافريـن فيضربهم، فعلاً.
ثم يقال عنه في الأخير: كان يعيش في ظل هيمنة الكفر! وهي عبارة ستخدع الناس؛ لأن كثيراً من الناس لا يعرفون سيرة رسول الله (صلوات الله عليه وعلـى آلـه).
عـاش فـي مكة ثلاثة عشر سنة لأنه كان رسولاً إلى الكفار في مكة. كل نبي يبعث في وسطٍ كافر، هل يمكن أن نقول: إذاً فالكفر هو قضية يمكن العيش في ظلها؛ لأن كل الأنبياء كانوا يبعثون في ظل وسطٍ كافر، وفي مجتمع كافـر؟ مـاذا كـان يعمـل النبي؟ ألم يكن النبي عبارة عن ثورة على هذا المجتمع؟ عبارة عن خروج على واقع هذا المجتمع؟ يصرِّح، يصدع بما يؤمر، يجاهد، يتحداهم {فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ} (يونس: 71) {قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ} (الأعراف: 195) هذا منطق الأنبياء. ثم يقال في الأخير هذا يعتبر مبرر شرعي لأي إنسان مسلم يعيش في ظل الكفر.
هيمنة أمريكية الناس مقبلون عليها لليهود، هذا من التمهيد لها؛ سواء شعر الذين كتبوها ووزعوها أو لم يشعروا؛ لأنه في الأخيـر مـاذا؟ إذا كنت أنا أو أنت أو أي إنسان سمع هذا الخطيب الـذي قـرأ هـذه الملزمـة وتأثر بها، أنه يمكن أن يعيش في ظل الكفر.
معلوم أن اليهود النصارى درجة ثانية عند أهل السنة، هم لا يصنِّفونهم كمشركين كما نصنِّفُهم، يعتبرون أنهـم فـوق الكافريـن، لا زالـوا أحسـن مـن الكفـار، ويُعتبـر اليهـود والنصـارى عنـد كثيـر مـن المسلمين، لا يزالوا أحسن من الكفار، أهل الكتاب وضعية أحسن، فإذا كان قد جَوَّزَتْ وسوَّغَتْ لي تلك الملزمة أن أعيش في ظل الكفر الصريح فبالأولى في ظل اليهودي، فسيحكمنا اليهودي ونحن لا نشعر بحرج، أقول: لماذا يحكمنا؟ قالوا: نحن لا نستطيع أن نعمل ضده شيئاً.
هذا مـا قلنـاه سابقـاً أنـه لا يجـوز، ولا يجوز بحال أن نتعامل مع القرآن من منطلق مشاعرنا وتقييمنا نحن للوضع بالشكل المغلوط، فنعكس ضعفنا على القرآن؛ لأنه هكذا صنعت هذه النفسية بالشخص الذي قدم لنا مثل تلك الملزمة، ضعيف قدم للناس ما يبرر حالة الضعف، فما يبرر حالة الضعف هو يعطي ماذا؟ يعطي تمهيداً للكفر، للشرك، للفساد، لليهودية، للنصرانية أن تهيمـن؛ ولهـذا قلنـا: أنـه يجـب أن نتعامـل مـع القرآن بروحية عالية، نتعامل معه وفق منطقه، نتركه هو يعلمنا ويزكينا، لا أن نأتي إليه فنميته ونجمد آياته ونقدمـه للآخريـن ميتـاً، هكـذا سيكون الإنسان الـذي يحمـل علمـاً فـي الأخير كل ضعفه كل تقديراته، كل ثقافته المغلوطة، في الأخير يخدم ماذا؟ يخدم أعداء الله.
أليس من يثقف الناس بهذه الثقافة سيصنع لديهم ذهنيةً تجعلهم قابلين لهيمنة اليهود؛ لأن كـل واحـد من الناس يقول: نحن والله ما نستطيع أن نعمل شيئاً، ليس لدينا قنابل ذرية. فكل شخص يكتفي بأنه ينظر فيقارن بينه وبين أمريكا وإسرائيل، أمريكا تمتلك قنابل نووية، نحن لا نمتلك هذه، إذاً فلنعيش في ظلهم، وليس علينا أي حرج أمام الله.
ستكون القنبلة الذرية هي نفسها أقوى من القرآن الكريم، تمنحك شرعية أن تعيش في ظل الكفر ولا تنفع القنابل القرآنية، ولا تنفع الآيات القرآنية أن تشدك إلى العمل في مواجهة الكفر.
لاحظوا كيف تُقدم المسألة في الأخير، فيكون اهتمام هؤلاء بالثقافة التي تهيئ المجتمع الإسلامي من حيث يشعر أولئك أو لا يشعرون – لقابلية هيمنة اليهود، وهي المرحلة في الواقع التي يفترض القرآن أن يكون عملَ العالِم عمل المرشد الخطيب كل إنسان مسلم أن يحرك الآخرين ويدعو الآخرين ويوعيهم توعية جهادية، تربية جهادية، لأن يحملوا مشاعر التصدي لأولئك فيكونوا مستعدين أن يقفوا في وجوههم، هذه هي المرحلة التي يجب أن تكون الثقافة فيها والتوعية فيها على هذا النحو.
لسنا بحاجة إلى ثقافة تضفي شرعية على أن نتقبل الكفر ونتقبل هيمنة الكافرين، يجب أن نحذر من مثل هذا المنطق، وأن نعرف أنه إذا لم نثقف أنفسنا بثقافة القرآن فسنكون ضحية للآخرين، ضحية لثقافات أخرى.
هذه الملزمـة لـم يستطـع أن يأتي فيها من القرآن إلا بآيـة واحـدة في أولها {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59) التي دائماً يُقَوْلِبُونهَا مع كل زعيم، وكل شعب علماؤه مرشدوه يسخرونهم لزعيمهم، ففي اليمن لعلي عبد الله، وفي مصر لحسني مبارك، وفي السعودية لفهد، وفي الأردن للملـك عبـد الله، وهكـذا تلاعبـوا بهـذه الآيـة.
ونسوا نسوا قضية أنه حتى لو فرضنا أن الآية هذه على ما زعموا فأين هم أولئك الحكام الذين يصح أن يقال عنهم: (منكم)؟ {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُـمْ}؟ وجدنـا هـؤلاء أولـي الأمـر لم يعودوا منا، أصبحوا أكثر انسجاماً مع أمريكا، مع سياسة أمريكا، معظمهم على هذا النحو، يرى شعبه يتظاهر يطالب بأن تُقاطع أمريكا وإسرائيل، يطالـب حكومتـه بـأن تقاطـع مقاطعـة سياسيـة، بأن تقاطع مقاطعة اقتصادية، بأن يوقفوا تصدير البترول، بأن يفتحوا أبواب الجهاد، بأن يعملوا كل شيء. أليست الأمة هي تنـادي بهـذا؟ أولئـك مـا هـو موقفهم؟ موقفهم بالشكل الـذي تريـده أمريكـا، فهـل أصبح صادقاً عليهم مسألة (منكم)؟ لو كانوا منا لكانوا مستجيبين لما نطلب.
وإذا كانـوا يقولون: هم خائفـون علينـا. فنحـن نقـول نحن الشعب، نحن نطالـب بالجهـاد لأولئـك، نحن من نستطيع أن نتحمل أي وضعية اقتصادية. عندمـا نقول قاطعوا – وكانت المظاهرات هكذا تطالب الحكومات بأن تقاطع اقتصادياً – وليكن ما كان سنتحمل، باستطاعة أي زعيم أن يقول: لا بأس أنا مستعد ما دمتم مستعدون أن تتحملوا المضاعفات والآثار للمقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، وقطع تصدير النفط وغيره، وأنتم مستعدون أن تجاهدوا مهما كان الأمر، ومهما كانت إمكانياتكم ضعيفة لا بأس.
لو أنزلوا مسألة مواجهة إسرائيل في استفتاء شعبي، كيف سيكون الناس؟، سيصوتون تقريباً بنسبة 0 9 % لمواجهة أمريكا وإسرائيل.
فنحن نقول لمن يستخدموا آية {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} أيـن هـم الزعماء الذين تصدق عليهم كلمة (منكم)؟ ونحن نراهم أقرب إلى أمريكا منا، وأقرب إلى سياسة أمريكا منا، وأقرب إلى طاعة أمريكا من الاستجابة لشعوبهم، لم يعد وقت الآية بكلها، كان يمكن أن تكون هذه الآية في أيام الخلفاء الأمويين والعباسيين، لأنـه مـا زال (منكـم)، مـا زال حاكم عربي، مـا زالت تعتبر قراراته من داخل، لا يوجد دولة أخرى تفرض عليه إملاءات، ومع هذا كان الناس يقولون: لا. هؤلاء هم ليسوا من أولي الأمر الذيـن أمـر الله بطاعتهم، أما هذا فإنه يأمرنا بطاعة شخص هو مغلوب على أمره، هو لم يعد يستطيع ولا يتمكن أن يحقق أنه لا زال من الأمة، بل بعضهم ثقافته، نمط حياته في بيته غربية، بيته، شكله، نمط حياته، ثقافته، الأشياء التي يتابعها كلها تجعله شخصاً غربياً، لم يعد يصدق على الكثير منهم معنى {مِنْكُمْ} حتى لو كانت الآية على ما يريدون فما بقي (منكم)؟ بقي لأمريكا تريد أن تعين ولاة فهم منها وليسوا منا.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لأن نفهم كتابه، ونهتدي بكتابـه، وأن يتقبـل منا، إنه على كل شـيء قديـر، وأن يعينكـم علـى طلـب العلـم، وأن يرزقكم الفهم والحفظ والإخلاص؛ إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝