دروس من هدي القرآن الكريم ملزمة الأسبوع ((دروس من غزوة أحد)) 2-2 الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
🟢 دروس من هدي القرآن الكريم
🔹دروس من غزوة أحد🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ ذو الحجة 1422هـ | جبل الرماة – المدينة المنورة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
فالمهم في هذا الموقف أن فيها دروس، وفيها خسارة كبيرة هي خسارة حمزة، ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) تألم جـداً على حمـزة؛ لأنه كان في ظرف أحوج ما يكون إلى شخص كحمزة، رجل شجاع، ورجل مخلص، ورجل مؤمن، ورجل قوي في ذات الله، وأي قائد يدخـل في مواجهة مع آخرين يعرف قيمة الرجل المهم.
الآن لأننا لسنا في مواجهة مع أعداء الله لا قيمة لبعضنا عند بعض إن مـات هذا، أو قتل أو راح هذا ليست مشكلة، لكن في ميادين المواجهة مع أعداء الله يصبح الرجل المهم له قيمته العالية، ويعرف الناس الحاجة الماسة إليه، رسول الله تألم جداً على حمزة، على قتلـه، ثـم على قتلتـه بتلـك الطريقـة والتمثيل الذي حصل له من قبل أم معاوية هند بنت عتبة.
ومما عبر عن تألمه الكثير هو أنه صلى عليه مع بقية الشهداء فكبر عليه – كما يقال – سبعين تكبيرة، فصلى عليه مع الكل، أيضاً في المدينة عندما عاد إلى المدينة والنساء في المدينة يبكين على القتلى، وضجـة في المدينة، قال: إلا حمزة فلا بواكي عليه! تألم جـداً، فنساء المدينة كلهن بكين على حمزة، وأصبحت سنة عند أهل المدينة – لا أدري إلى الآن – كما يقال: سنة جيل بعد جيل، أنهم إذا مـات فيهـم ميـت، أو قتل قتيل يبكون على حمزة أولاً، ثم على ميتهم، مواساةً لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
فعندما نزور أحد، ونزور سيد الشهداء حمزة هي مواساة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أولاً، وتذكيراً بجهود ذلك البطل، وتقديراً لروحيته العالية لأنـه كان إنساناً متوثباً في ميادين القتال في سبيل الله، وطاعة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) فسماه رسول الله سيد الشهداء.
هنا لاحظوا الفوارق كبيرة تأتي داخل النفسيات، يخرج المئات من الناس مجاهدون في سبيل الله، وأبطال مقاتلون في سبيل الله، لكن عمق الإخلاص، الإخلاص درجات متفاوتة، الوعي درجات متفاوتة، الإيمان درجات متفاوتة.
فرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) سمّى حمزة سيد الشهداء، مع أنه قتل شهداء آخرون، ولهم مكانتهم، ولهم فضلهم، ولهم درجتهم العالية، فالمسألة هكذا، ليس هناك خط يرتقي إليه الناس جميعاً في مقامات الإيمان، في مقامات الإخلاص، في مقامات الاستبسال، تفاوت كبير، ألسنا مؤمنون بالآخرة كعناوين، كما يؤمن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) نؤمن بالآخرة كعناوين، لكن هل إيماننا كإيمان علي بن أبي طالب؟ يختلف اختلافاً كبيراً، هل إيماننا كإيمان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ لا، يختلف اختلافاً كبيراً.
فعندما يقول رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لحمزة، يسميه: سيد الشهداء، لا يعني ذلك هضماً للآخرين أبداً؛ لأنه أن يعطى الإنسان ما يستحقه، وفوق ما يستحقه هذه هي الدرجة العالية، لا يهضم أبداً، أن يعطى الإنسان ما يستحقه. إذا كنت تريد أن تستحق أكثر فأخلص أكثر، وتفانى أكثر، واستبسل أكثر.
حمزة عندما سماه رسول الله سيد الشهداء لم يكن لاعتبار أنه من أقاربه، عمه أبو لهب ألم يلعنه القرآن، وينزل سورة فيه خاصة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (المسد:1)؟ ليست قضية قرابة، بل قضية تقدير، تقدير لروحية حمزة، واستبساله، لما يعلمه عن الله عن واقع حمزة في نفسه فسماه سيد الشهداء، لم تكن الألقاب عند رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مثلما هي الآن عند الملوك والرؤساء، رتبة لواء، أو عميد، أو من هذه الألقاب يسبر فيها وساطة! لا، بل تأتي من قبل الله الذي يعلم بخصائص النفوس، والذي يعلم بذات الصدور.
فنحن عندما نزور حمزة ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحمه، وأن يجزيه عن رسول الله، وعن الإسلام خير الجزاء، ونقرأ [الفاتحة، والإخلاص] إلى روحه.
كذلك عندما نعود ونقرأ القرآن في قصة [أحـد] نأخذ منها عبراً؛ لأن الله خلدها، وعندمـا خلـد هـذه القصة؛ لأن الأمة بحاجة إليها في كل مراحل حياتها، والقرآن ليس كتاباً تاريخياً، أو كتاب قصص، يخلد القضية؛ لأنها مُهمة، وموطن العبرة فيها هي المخالفة، والمخالفـة التي قد نقول: أولئك لا يأثمون، إذا جئنا على قواعدنا، أنهم يأثمون أو لا يأثمون، متأولين، ألم يقولوا هكذا: التأويل ينهي الإثم ونحوه؟ لم ينطلقوا بجرأة، لكنهم عصوا، أنت عصيت أمراً، الأمر هذا لا تنطلق تتأول في مواجهته أبداً، وهذا هو ما دار حوله القرآن الكريم: التأكيد على أن لا يفسح المجال أبداً للتأويلات، والتصنيفات، والتقديرات، وربما. ولعل كذا، والغاية واحـدة، وعبارات من هذه. بل التزم، التزم، وهكذا كانت روحية الإمـام علي (عليه السلام) روحية الالتزام المطلق لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
ولأن من يلتزمون هذا الالتزام هم من يحصلون على الكمال المكتوب لمن دانوا بهذا الدين العظيم؛ لأن الإسلام دين تكامل للبشر، فمن التزم به، من سلَّم روحيته له، وأطاع الله، وأطاع رسوله الطاعة المطلقة، يحصل على العلم، يحصل على الكمال المقدر له، لكن من ينطلقون وراء التصنيفات والتأويلات هم من يجنون على الأمـة، ما ضربنـا من ذلك اليوم إلى الآن إلا من التأويلات هذه.
كما قلنا سابقاً: رسول الله قال: علي بن أبي طالب يوم الغدير، ألم يقل: علي، يوم الغدير؟ الآخرون قالوا: المقصود واحـد، المقصود واحد يقودنا، وهذا رجَّال باهر، وهو صهر رسول الله، وقد هو شيبة، ومجرب، وعارف، والمقصود واحد، ومن هذه تأتي؛ لأن معناه في الأخير: المسألة ليست بسيطة، معناها: إفساح المجال لوضع بدائل من قبلنا بدلاً عما رسمه الله سبحانه وتعالى في كتابه، يقول هكذا. أقول: لا! وأنا جئت أصنف المسألة، بأنه المقصود واحد، والغاية واحدة! هذا هو الذي سينتهي إليه الناس: المقصود واحد، والغاية واحدة، كله سابر، هذا، أو هذا.
مثلما قال الله عن آدم، كيف عمل الشيطان له؟ {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَـا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} (الأعراف: 20-2 2) المفسرون يقولون: أن آدم تأول، أي لم ينطلق بجرأة على الله فيأكل من الشجرة، أليس كذلك؟ لكن الله لم يتعامل معه على تأويلاته، تأول، أو ما تأول، بل على أساس أنك عصيت أمري، نهيتك فعصيت، قال له: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} (الأعراف: 22).
قضية أنه أنت كما قال لك إبليس: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ} (الأعراف: 20) إلا كراهة أن تكونا ملكين، أو لأن لا تكونا ملكين، فمتى ما أكلتم منها يمكن أن تصبحوا ملكين، ثم تتخلدوا فتعبدوا الله، وتستغفروه، وتمحى هذه الخطيئة، هي ليست إلا شجرة واحدة، ليست مشكلة، هكذا يأتي إفساح المجال للتأويلات، والتصنيفات، ما الذي حصل؟ الله تاب على آدم باعتبار الإثم، لكن ما كرره عليه من أنه سيشقى إذا ما أكل من هذه الشجرة، شقي فعلاً، وطرد من الجنة، أو أخرج – بعبارة لائقة – أخرج من الجنة هو وزوجته، ونزعت عنهم حتى ملابسهم، حقيقة، ليست ملابس التقوى كما يقال، ملابسهم الحقيقية، كما قال الله في أكثر من آية: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} (الأعراف: من الآية 22).لم يسمح حتى لملابسهم أن تبقى فوقهم، شقوا شقاء، الشقاء الذي هو عقوبة للمعصية.
قصة أحـد كلها تركزت حول هذه النقطة: أن يأخذ المسلمون العبرة من أنه لا بد من طاعة مطلقة، إذا فتح المجال للتصنيفات فالأمة ستفشل تحت أي قيادة كانوا، حتى ولو كانوا تحت قيادة محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، هل هناك أعظم من قيادة رسول الله؟ فشلوا وهم تحت قيادة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فشلوا والقرآن ينزل، لماذا؟ لأنهم عصوا، هل عصوا بجرأة؟ لا، هل عصوا بتمرد؟ لا، تأويلات: [انتهت المعركة وقد ذهب المشركون والمسلمون قد صاروا يجمعون الغنائم، إذاً ننزل ما بقي لزوم] هي هذه! المفروض أنهم يجلسون، حتى لو راح رسول الله إلى المدينة هو وأصحابه، قال لهم أن يبقوا، يبقوا ولو راح رسول الله إلى المدينة، لأنه هكذا الطاعة المطلقة.
الله يوفقنا جميعاً إلى ما فيه رضاه.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله الطاهرين.
t.me/shahidzaid