🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الأول🔹 ملزمة الأسبوع | اليوم الأول ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 4/2/2002م | اليمن – صعدة

🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الأول🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الأول
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002م | اليمن – صعدة
‏〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ وسلم على محمد وعلى آله الطاهرين.
الحمد لله رب العالميـن، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَـا كُنَّـا لِنَهْتَـدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (الأعراف: من الآية 43).
في دعاء مكارم الأخـلاق – للإمام زيـن العابديـن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) – فيه ما ينبه على أشياء كثيرة مما يجب أن يكون الإنسان فيها راجعاً إلى الله يطلبها منه، يطلب الهداية إليها منه، يطلب التوفيق إليها منه.
ليس هنالك آلية مبرمجـة للهداية بحيث أن الإنسان ممكن أن يوفرها، لا بد من الرجوع إلى الله، أن نطلب من الله الهداية، أن نطلب من الله التوفيق، أن نطلب من الله الاستقامة، أن يوفقنا للاستقامة، أن نطلب من الله أن يثبت خطانا، أن نطلب من الله أن يسدد أقوالنا.
الإنسان لا يستطيع من خلال الاعتماد على نفسه أن يحقق لنفسه الهداية، والتوفيق في المجـالات التي ترتبط بحيـاته، وبما يتعلق بآخرته، هنا يقول الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه): ((اللهم صـل علـى محمـد وعلى آلـه وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) هـو علـى مـا هـو عليـه من العبادة والتقوى لم يحدث في نفسه غرور، ولا إعجاب بحالته التي هو عليها، وهو من سُمّي – لما كان عليه – (زين العابدين، وسيد الساجدين) ما زال يطلب من الله أن يبلغ بإيمانه أكمل الإيمان.
القرآن الكريم تضمن في آياته الكريمة داخل سور متعددة الحديـث عن الإيمان، وأعلى درجات الإيمان، وأكمل الإيمان، مـن مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الأنفال:2) ومثـل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات:15).
مطلب مهم، وغاية تستحق أن يسعى الإنسان دائماً إلى الوصول إليها: أن تطلب من الله أن يبلغ بإيمانك أكمل الإيمان. لا ترضى بما أنت عليه، لا تقف فقط على ما أنت عليه فتضع لنفسك خطّاً لا تتجاوزه في درجات الإيمان، وفي مراتب كمال الإيمان.
من يرضى لنفسه أن يكون له خطّ معين لا يتجاوزه في إيمانه فهو ممن يرضى لنفسـه بـأن يظـل تحـت، وأن يظل دون ما ينبغي أن يكون عليه أولياء الله. الإنسان المؤمن هو جندي من جنود الله، وميدان تدريبه، ميدان ترويضه ليكون جندياً فاعلاً في ميادين العمل لله سبحانه وتعالى هي الساحة الإيمانية، ساحة النفس، كلما ترسخ الإيمان في نفسك كلّما ارتقيت فـي درجات كمال الإيمان كنت جندياً أكثر فاعلية، وأكثر تأثيراً، وأحسن وأفضل أداء.
نحن نرى الدول كيف تختار من داخل الجيش فرقاً معينـة تدربهـا تدريبـات خاصـة، تدريبـات واسعة، وتدريبات شاملة لمختلف المهام، تدريبات على مختلف الحركات ليكون أولئك الجنود داخـل تلك الفرقة في مستوى الفاعلية لتنفيذ مهام معينة، مهام صعبة، وتلك المهام وتلك القضايا التي هي في ذهن رئيس دولة، أو ملك هي دون ما ينبغي أن يكون في رأس المؤمن في مياديـن العمـل لله سبحانـه وتعالـى، مهـام واسعة.
الجندي قد ينطلق في تنفيذ مهام كلها تنفيذية، كلها حركـة، لكـن جنـدي الله مهامـه تربويـة، مهامـه تثقيفية، مهامه جهادية، مهامه شاملة، يحتاج إلى أن يروض نفسه، فإذا ما انطلق في ميادين التثقيف للآخرين، الدعوة للآخرين، إرشادهم، هدايتهم، الحديث عن دين الله بالشكل الذي يرسخ شعوراً بعظمته في نفوسهم فإنه يجب أن يكون على مستوى عالٍ في هذا المجال، جندي الجيش العسكري في أي فرقة، لا يحتاج إلى أن يمارس مهام مـن هـذا النـوع، مهامه حركـة فـي حـدود جسمه، قفزة من هنا إلى هناك، أو حركة سريعة بشكل معين.
لكن أنت ميدان عملك هي نفس الإنسان، وليس بيته لتنهبه، وليس بيته لتقفز فوق سطحه، الجندي قد يتدرب ليتعلم سرعة تجاوز الموانع، أو سرعة القفز، أو تسلق الجدران، أو تسلق البيوت، لكن أنت ميدان عملك هو نفس الإنسان، الإنسان الذي ليس واحداً ولا اثنين، بل آلاف البشر، ملايين البشر، تلك النفس التي تغزى من كل جهة، تلك النفس التي يأتيها الضلال من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها.
فمهمة المؤمن يجب أن ترقى بحيـث تصـل إلـى درجـة تستطيع أن تجتاح الباطل وتزهقه من داخل النفوس، ومتى ما انزهق الباطل من داخل النفوس انزهق من واقـع الحيـاة، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّـرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: من الآية 11).

وأنت جندي تنطلق في سبيل الله سترى كم ستواجهك من دعايات تثير الريب تثير الشك في الطريق الذي أنت تسير عليه، تشوه منهاجك وحركتك أمام الآخريـن، دعايـات كثيـرة، تضليـل كثيـر ومتنـوع ومتعدد، وسائل مختلفة ما بين ترغيب وترهيب.
الجندي المسلح بالإيمان إذا لم يكن إلى درجة أن تتبخر كل تلك الدعايات، وكل ذلك التضليل، بل يستطيع أيضاً أن يجعلها كلها لا شيء – سواء إذا مـا وُجِّـهت إليـه، أو وجِّهت لمن هم في طريقه، لمن هم ميدان عمله – لأن هـذا هـو الواقـع، واقـع الحـق إذا مـا وجـد مـن يستطيع أن ينطق به، إذا مـا وجـد مـن يفهمـه، وفي الوقت نفسه يجد آذاناً مفتحة واعية فإنه وحده الكفيـل بـإزهـاق الباطـل بمختلـف أنواعه، ومن أي جهة كان، ومن أي مصدر كان {وَقُـلْ جَـاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81) زهوق بطبيعته إذا ما هاجمه الحق.
لكـن ذلـك الحـق الـذي يقدم بصورته الكاملة، ذلك الحق الذي يقدم بجاذبيته، بجماله بكماله، بفاعليته وأثره في الحياة هو الذي يزهق الباطل، لو قدم الحق في هذه الدنيا من بعد موت الرسول (صلوات الله عليه وعلـى آلـه) وترك لمثل الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) – ذلك الرجل الكامل الإيمان – لما عاش الضلال ولما عشعش في أوساط هذه الأمـة، ولمـا أوصلهـا إلـى مـا وصلـت إليـه من حالتها المتدنية.
غير صحيح، بل باطل أن يقال: بأن أهل الحق دائماً يكونون مستضعفين، وأن من هم على الحق دائماً يكونون ضعافاً، وأنه شأن الدنيا هكذا، إن هذا منطق من لا يعرفون كيف يقدمون الحق، منطق من لا يزال في ثقافتهم الكثيـر مـن الدخيل، من الضلال من قبل الآخرين، أيُّ منطق هذا أمام قوله تعالى: {وَقُـلْ جَـاءَ الْحَـقُّ وَزَهَـقَ الْبَاطِـلُ إِنَّ الْبَاطـِلَ كَـانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81)؟ إن الباطل كان زهوقاً بطبيعته، لا يستطيع أن يقف إذا قُدم الحق.
من الذي يمكن أن يقدم الحق؟ هو من يسعى دائماً لأن يطلب من الله أن يبلغ بإيمانـه أكمـل الإيمـان. عندمـا تكون متعبداً لله حاول دائماً أن تدعو الله أن يبلغ بإيمانك أكمل الإيمان، حـاول دائمـاً أن تبحـث عـن أي جلسة عن أي اجتماع عن أي شيء يكون مساعداً لك على أن يبلغ إيمانك أكمل الإيمان.
قد يرضى بعض الناس لنفسه حالة معينة فلا يرى نفسه محتاجاً إلى أن يسمع من هنا أو من هنا، ويظن بأن ما هو عليه فيه الكفاية وانتهى الأمر! لكن وجدنا كم من هذا النوع! أعداداً كبيرة لا تستطيع أن تزهق ولا جانبـاً مـن الباطـل في واقع الحياة، وفي أوساط الأمة! إذا كنت طالب علم فلا ترضى لنفسك بأن تكتفي بأن تنتهي من الكتاب الفلاني والمجلدات الفلانية، والفن الفلاني وانتهى الموضوع، وكأنك إنما تبحث عما يصح أن يقـال لك به عالم أو علامة! حاول أن تطلب دائماً، وأن تسعى دائماً بواسطة الله سبحانه وتعالى أن تطلب منه أن يبلغ بإيمانك أكمل الإيمان. كم في هذه الدنيا، وكم في أوساطنا من الكثير من نوعيتنا الذيـن نحن ندعي الإيمان، ولكننا نجد أن من يستطيعون أن يغيروا في واقع الحياة هم العدد القليل جداً من المؤمنين، أولئك الذين يسعون لأن يبلغ إيمانهم أكمل الإيمان، ويدعـون الله أن يبلغ بإيمانهم أكمل الإيمان، وإلا فالمؤمنون – إن صح التعبير – أو أدعياء الإيمان من نوعيتنا كثير، ومعنى أننا ندعي الإيمان أننا نمتلك الحق، لكن مـا بال هذا الحق الذي معنا لا يستطيع أن يزهق أي شيء من الباطل {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81)، لماذا لا يكون الباطل زهوقاً أمام الآلاف من مدعي الإيمان في مختلف المناطق؟
لماذا يكاد الحق يزهق من أنفسهم هم؟ ناهيـك عـن أن يزهقـوا الباطـل مـن نفـوس الآخريـن أو من واقع الحياة، ربما لأننا جميعاً مؤمنون من هذا النـوع الـذي يرضى بأن يرسم لنفسه خطاً معيناً لا يتجاوزه فيصبح ذلك الخط هو المانـع لـه دون أن يزداد معرفة، دون أن يزداد هدى، هـو الحاجز الذي يمنعه أن يبحث عن أي مصدر للهداية، أن يحضر في جلسة معينة، في مسجد معين، يستمع لشريط معين، يتدبر كتاب الله بشكل جـدي، يقرأ صفحات هذا الكون، ومـا أكثـر مـا يفيـد الإنسان النظر في هذا الكون، وتأملات حياة الناس في هذا العالم، وأحداث هذا العالم، ما أكثر ما تصنع من إيمان في نفسك!
هـل أحـد منـا يرى أن بينه وبين الإمام زين العابدين عليه السلام نسبة في فضله، في إيمانه، في كماله، في عبادته في تقواه؟ الفارق كبير جداً بيننا وبينه، لكنه ها هو يقول ويدعـو الله سبحانـه وتعالى. لماذا يدعو الله سبحانه وتعالى؟ لأن الإنسان – أحياناً – قد يعتقد بأنه قد اطّلع على مصادر الهدى كلها.الإنسان بضعف إدراكه ومعرفتـه المحدودة – حتى وإن كان جاداً – يبدو لـه وكـأن مصـادر الهدى كاملة قد قدمت إليه وانتهى الموضوع، فلا يفكر أن يبحث أو أنه بحاجة إلى المزيد! هـذه حالـة تحصـل عند الناس لكن ارجع إلى الله هو الذي يعلم أنك بحاجـة إلـى المزيـد ليرشـدك هو إلى المزيد، وإلى المزيد من مصادر الهدى والمعرفة والإيمان.

╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com