🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الأول🔹 ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 4/2/2002م | اليمن – صعدة

🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الأول🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002م | اليمن – صعدة
‏〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
ونحن نحذر دائماً من أن يضع الإنسان لنفسه خطاً فإذا رأى بـأن ظـروف المعيشة هيأته إلى أن يتفرغ أكثـر مـن جانـب من جوانب العبادة كالصلاة مثلاً ثم يستمع موعظة هنا وموعظة هناك مرة أو مرتين ثم يقول: الحمد لله اكتفيت.
تأتي المتغيرات، وتأتي الأحداث، ويأتي الضلال، والخداع والتلبيس بالشكل الذي ستكون أنت ضحيته، يكاد يضحي حتى بأولئك الكاملين، بعض المتغيرات، وبعض الأحداث، وبعض وسائل التضليل، وأساليب الخداع تكاد تخدع الكبار، أولئك الذين يدعون دائماً ((وبلغ بإيماننا أكمل الإيمان)).
ألم يذكر القرآن الكريم عن خداع بني إسرائيل، عن خداع اليهود أنهم كادوا يضلون رسول الله (صلوات الله عليه وآله)؟ كادوا يضلونه لولا فضل الله عليه ورحمته، أولئك الناس الذيـن كانـوا يجاهـدون تحـت رايتـه ألـم يكونـوا يتعرضون للتثبيط فيتخاذلون مـن جانـب المنافقيـن، وهم من يسمعون كلام رسول الله (صلوات الله عليه وآله)؟
هكذا إذا أنت لم ترب نفسك، إذا أنت لم تنم إيمانك ووعيك، فإن المنافقين هم من ينمون نفاقهم، هم من يطورون أساليبهم حتى يصبحوا مردة، يصبحوا خطيرين قادرين على التأثير، قادرين على ضرب النفوس، {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُـمْ نَحْـنُ نَعْلَمُهُـمْ سَنُعَذِّبُهُـمْ مَرَّتَيْـنِ} (التوبة: من الآية101) من خبثهم استطاعوا أن يستروا أنفسهم حتى عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، استطاعوا أن يستروا أنفسهم حتى عن بقية الناس، أنهـم منافقـون، ثـم تنطلـق منهـم عبارات التثبيط، عبارات الخذلان فيؤثرون على هذا وعلى هذا، وعلى هذا، تأثيراً كبيراً، هؤلاء مردة، كيف أصبحوا مردة؟ لأنهم هم من يطورون أساليب نفاقهم، من ينّمون القدرات النفاقية داخـل أنفسهـم.
فأنـت يـا من أنت جندي تريد أن تكون من أنصار الله، ومن أنصار دينه في عصر بلغ فيه النفاق ذروته، بلغ فيه الضلال والإضلال قمته يجب أن تطور إيمانك، أن تعمل على الرفع من مستوى وعيك.
فإذا لم يكن الناس إلى مستوى أن يتبخر النفاق أمامهـم، أن يتبخـر التضليـل أمامهـم فإنهـم هم – قبل أعدائهم – من سيجنون على أنفسهم وعلى الدين، وعلى الأمة، كما فعل السابقون، كما فعل أولئك الذين كانوا في ظل راية الإمـام علـي (عليه السلام)، وفـي ظل راية الحسن (عليه السلام)، وفي ظل راية الحسين (عليه السلام)، وفي ظل راية زيد (عليه السلام).
كان الإمـام زيـد (عليـه السـلام) يقـول: ((البصيرة، البصيرة))، يقول في ذلك القرن في مطلع القرن الثاني: ((البصيرة، البصيرة)) يدعو أصحابه إلى أن يتحلوا بالوعي، ألم ينهزم الكثير ممن خرجوا معه؟ ألم يتفرقوا عنه؟ لأنهم كانوا ضعفاء البصيرة، كانوا ضعفاء الإيمان، كانوا قليلي الوعي، أدى إلى أن يستشهد قائدهم العظيم، أدى إلى أن تستحكم دولة بني أمية من جديد.
رأينـا ماذا عملوا، جنوا على الأمة من جديد، فتحملوا أوزار من بعدهم، وهكذا، الهزيمة في مجال العمل لله، ضعف البصيرة في مجال العمل لله، ضعف الإيمان في مجال العمل لله قد يجعلك تترك أثراً سيئاً تتحمل فيه أوزار الأمة، وأوزار الأجيال من بعدك، ليست قضية سهلة، بل خطورة بالغة، خطورة بالغة هي أخطر بكثير من تخاذل الطرف الآخر عن بعضهم بعض، لهـذا رأينـا مـاذا حصـل في أحد – وهو درس مهم – عندما تخاذل أصحاب الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، عندما بدأوا يتنازعون، بدأ الفشل، بدأ العصيان، وهم تحت قيادة النبي (صلوات الله عليه وعلى آلـه) مـاذا حصـل؟ هيـئ لهـم أن يُضربوا بالكافرين فعلاً، {وَمَـا أَصَابَكُـمْ يَـوْمَ الْتَقَـى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (آل عمران: من الآية166). لتفهموا أن تخاذلكم ليس سهلاً بل هو جناية على الأمة، جناية على الرسالة، لكن إذا تخاذل جند أبي سفيان هل سيتحمل أولئك المتخاذلون شيئاً؟ لا. مطلوب منهم أن يخرجوا عما هم عليه، لكنك أنت متى تخاذلت وأنت تحت راية محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فأنـت مـن تهيـئ الساحـة لأن ينتصـر الجانب الآخر جانـب الكفـر، فستجنـي علـى الرسالة، وتجني على البشرية كلها.
أنا أعتقد أن الفساد في العالم كله، المسلمون الأوائل الذين تخاذلوا، المسلمون الأوائل الذين حرفوا، المسلمون الأوائل الذين قعدوا عن نصر دين الله هم من يتحمل جريمة البشرية كلها، لأنهم هم من حالوا دون أن تكون هذه الأمة بمستوى النهوض بمسؤوليتها، فتحمل الرسالة إلى كل بقاع الدنيا. كان هذا هو المطلوب من العرب. لكن أولئك أصحاب الجباه السوداء من طول السجـود تحـت رايـة الإمـام علي (عليه السلام)، الذين تحولوا إلى خوارج بجهلهم بغبائهم، لعدم وعيهم.

من الوعي أن تفهم هذه النقطة، من الوعي أن يفهم المؤمنون هذه النقطة الخطيرة: أنه فيما إذا تخاذلت أنا فسيكون تخاذلي جناية على الأمة في الحاضر والمستقبل، وسأكون أنا من يتحمل أوزار من بعدي، أوزار كل من ضلوا، وفسادهم وضلالهم من بعدي جيلاً بعد جيل، عندما تخاذل أولئك عن نصرة الإمام علي (عليه السلام)، لضعف وعيهم وقلة إيمانهم، مع كثرة ركوعهم وكثرة تلاوتهم للقرآن، فهم من حالوا دون أن تسود دولة الإمام علي (عليه السلام) ويهزم جانب النفاق والتضليل، جانب معاوية.
ماذا لو كانوا من أصحاب الإيمان الكامل وانتصر بهم الإمام علي (عليه السلام)؟ كيف سيكون واقعهم عند الله؟ سيكونون عظماء، وسيكونون مشاركين لكل إنسان مؤمن يهتدي في هـذه الدنيـا، لو وقفوا وقفة جادة مع الإمام علي (عليه السلام) لانتصر الإمام علي، واستطاع أن يغير وجه التاريخ، واستطاع أن يغير هذه الأمة فيردها إلى التربية نفسها التي أراد لها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أن تتربى عليها.
كان يقول: ((لو استقرت قدماي في هذه المداحض لغيرت أشياء)) أشياء خطيرة كانت قد ترسخت. لماذا لم يقفوا معه ليتمكن من تغيير تلك الأشياء، ومن إعادة بناء الأمة على أساس صحيح فيحظوا بالسبق فيكونوا كالسابقين في بدر، ولكن تخاذلوا لضعف وعيهم، لقلة إيمانهم.
((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) حتى وإن كان هو زين العابدين (عليه السلام)، مـا يـزال ذلك الرجل الذي يقطع ليله في العبادة، ويجوب شوارع المدينة يحمل الطعام فوق جنبه، فوق ظهره يوزعه للضعفاء والمساكين والأرامل، من حيث لا يشعرون، هو من كان لا يزال يدعو: ((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان))، ليقول للناس من بعده، وهي الكلمة نفسها التي رفعها زيد لأصحابه: ((البصيرة.. البصيرة)) فلم يستبصروا، تخاذلوا فقتل، واستعاد بنو أمية حكمهم من جديد.
نحـن نقـول: ليـس فقـط بنـو أميـة الذين يتحملون أوزار هذه الأمة، بل وأولئك الذين تخاذلوا تحت راية الإمـام علـي، مـن صـف الإمام علي، ومن صف الإمام الحسن، ومن صف الإمام الحسين، ومن صف الإمام زيد ومن بعده من الأئمة كل من تخاذلوا هم ممن يتحمل الأوزار الكثيرة. ليس فقط أوزار العرب – هذه خطورة تخاذلنا نحن العرب – العرب إذا تخاذلوا فإنهم يتحملون حتى أوزار الآخرين من الأمم الأخرى، لأنهم هم لو استقامت دولة الإسلام في وسطهم، لو استقرت وضعيتهم، وكانوا على صراط الله وهدي الله، فإنهم من سيستطيعون أن يغيروا وجه هذه الأرض بكلها، فكل تخاذل أنت مشارك فيه وزر ذلك الرجل في طرف استراليا، أو في المكسيك، أو في أمريكا أو في أي منطقة.
خطورة هذه على العرب أكثر من غيرها فعلاً، لأن الله قال فيهـم: {كُنْتُـمْ خَيْـرَ أُمَّـةٍ أُخْرِجَـتْ لِلنَّـاسِ} (آل عمران: من الآية110) لتهدوا الناس فإذا تخاذلتـم عن أن تقوموا بهذه المهمة فإنكم شركاء في أوزار الناس، كل الناس. مـن الذي كان بإمكانه أن يبلغ هذا الدين؟ الـذي كتابـه عربي ولسانه عربي وأعلامه عرب؟ إلا العرب أنفسهم لكنهم تخاذلوا فرأينا ما رأينا. من أين يأتي التخاذل؟ من ضعف الإيمان، من ضعف الإيمان.

╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com