دروس من هدي القرآن الكريم 🔹آيات من سورة الواقعة🔹 ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 10/ رمضان/1423هـ | اليمن – صعدة
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹آيات من سورة الواقعة🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 10/ رمضان/1423هـ | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
{إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً} (الواقعة: 4) يتحدث عن أهوال القيامة نفسها، ترتج الأرض، زلزلة شديدة، تتقلع منها الجبال، تندك منها الجبال، تتحول إلى هباءً منبثاً كما قال هنا: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً} (الواقعة: 5) الهبـاء كالذرات التي تراها عندما يدخل شعاع الشمس إلى غرفتك، وترى في شعاع الشمس تلك الذرات، تصبح الجبال مثل الضباب، تتحول إلى هباء منبثاً، وتندك الأرض كلها، وتتحول إلى صعيد واحد.
{وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً} (الواقعة: 7) في يوم القيامة تكونون ثلاثة أصناف، الناس يكونون إجمالاً ثلاثة أصناف، والناس كل الناس، كنتم أنتم أيها المخاطبون من البشر، لا يتحدث فقط عمن كانوا في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، كنتم أنتم أيها الناس في أي زمـان كنتـم؛ لأن المسيرة واحدة، الذين كانوا في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ونزل القـرآن فـي أيامهـم، ويسمعونـه وهـو يقـول: {وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً}، المسيرة واحدة، أليسوا هم ساروا إلى الآخرة؟ ماتوا، من في القرن الثاني ماتوا، من في القرن الثالث ماتوا.
وهكذا مسيرة البشرية جيل بعد جيل رائحين إلى حيث سيكونون أزواجاً ثلاثة، يعني أصنافاً ثلاثة، يتحدث عن هذه الأصناف الثلاثة: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} (الواقعة: 8) مثلما نقول: باهرين، وعظماء، وجيِّدين، أصحاب الميمنة، اليُمْن، أصحاب اليمين واليُمن، {مَـا أَصْحَـابُ الْمَيْمَنَـةِ}؟! هذا من الصنف الجيد، من الصنف الذي يكون آمناً يوم القيامة، ويكون مصيرهم الجنة.
وهي عبارة تعظيم {مَـا أَصْحَـابُ الْمَيْمَنَةِ}، عبارة تعظيم، لكن ما يزال هناك أعظم من هؤلاء، الصنف الثالث وهم: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}، وقبل هذا قال: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} (الواقعة: 9) أصحاب المشأمة، أصحاب الشمال، أصحاب الشؤم، الشقاء، الذين هم يعدون أشقياء، ويعتبرون أشقياء، هم كذلك، تهويل لموقفهم، تهويل لما سيلاقون من العذاب ومن سوء الحساب.
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} هذا الصنف الثالث: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} هؤلاء السبَّاقون إلى الخير، السبَّاقون إلى طاعة الله، السبَّاقون إلى رضوان الله، السبَّاقون إلى الاستجابة لله ورسوله، السبَّاقون إلى العمل بكتابه. هذه الصفة مهمة، وأثنى عليهم بخصوصهم فقال: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (الواقعة:10-11) المقربون عند الله.
أصحاب الميمنة ناجون، ناجون لكن ما زال هناك صنف آخر هم المقربون، أرفع درجة، أعلى مقاماً، عظماء جداً عند الله سبحانه وتعالى.
السابقون هم السابقون إلى الخير، المبادرون، لا يكونون مثـلاً مثلنـا يكـون آخـر من يتحرك، آخر من يستجيب، آخر من ينطلق، آخر من يسمع، آخر من يفهم! لا.
السابقون بطبيعتهم عندهم روح المبادرة، وعندهم حرص على رضوان الله سبحانه وتعالى، يحرص على أن يحظى برضوان الله فيكون مبادراً إلى أي عمل يحتمل أن فيه رضوان الله، خلي عنك نوعيتنا الذي – مثلاً- يسمع عن عمل فيه رضى لله، بل هو واجب عليه وما زال محاولاً ألا يتحـرك، يكـون محاولاً ألا يكون ملزماً بأن يتحرك فيه، هؤلاء ليسوا سباقين، هذه النوعية قد يكونون في الأخير من أصحاب الشمال.
فالإنسان المؤمن مطلوب منه أن يكون سبَّاقاً، والسبق نفسه هو يشكل ضمانة كبيرة بالنسبة لك، مثلاً السباقون حتى ولو كانت نسب أعمالهم الشخصية أقل من أصحاب الميمنة سيكونون أعظم، قد يكون من أصحاب الميمنة مثلاً ناس لهم أعمال كثيرة لكن هي عادة من الأعمال التي لا تتجاوز حدود شخصيته، كثير التسبيح، كثير الصلاة، كثير الصيام، كثير تلاوة القرآن الكريم، كثير من الأعمال التي هي أعمال في حدود شخصيته، استجابة لكن استجابة مثل باقي الناس، مثل أطرف الناس.
بينما السبَّاقون هم من بين يشغِّلوا الآخرين كلهم معهم، فبدل ما تكون أنت فقط تسجَّل لك الحسنات التي تنطلق منك أنت، وأنت سبَّاق ستشغِّل كل الناس معك حتى بعد موتك، تكون شريكاً لهم في الطاعة، تكون شريكاً لهم في الأعمال التي ينطلقون فيها وأنت مؤسس فيها، أنت مؤسس فيها.
لك سبق مثلاً في بناء مدرسة علمية، لك سبق في حركة ضد أعداء الله، لك سبق في نشر العلم، لك سبق في محاربة أعداء الله، لك سبق في الميادين التي تكون في هداية الناس، هي ميادين يستمر العمل فيها حتى بعد موتك، هنا أنت تشغِّل المجتمع كله يشتغل معك [أوتماتيكياً]، فتكون شريكاً في أعمال الناس، العشرات من الناس، بل ربما يطلع أشخاص أعظم منك باعتبار مؤهلاتهم، باعتبار كفاءاتهم، فيكون ذلك كله إنما هو ثمرة من ثمار جهودك.
فالسابقون هم من يحوزون على أجر عظيم، وعلى مقام عالي؛ لأنهم كانوا من يبادرون، والمبادرة في حـد ذاتها هي تكشف عن أنهم في نفوسهم يعيشون حالة التقوى لله سبحانـه وتعالـى، حالة التقوى، يعني هو دائماً يقضٌٌ، دائماً يستشعر المسؤولية، دائماً يفكر في مـا هـو العمـل الـذي يقربنـا إلى الله، فإما أن ينطلق منه العمل أو سيكون سريع الاستجابة لأي عمل يطلب منه، يكون من الأوائل.
لاحظ مثلاً بعض الناس، عندمـا يكـون هنـاك مصلحة عامـة، تقـول لـه ساهـم، سيحـاول يحـاول أن يكون الأخيـر، ويحـاول إذا لم ينتبه له أحـد ألا يقدم شيئاً، ويعتبر نفسه ذكياً أنه لم قدم شيئاً، يعتبر نفسه ذكياً، وأن المشروع هذا سيقوم، وسيستفيد منه مثل الناس، وأنه: أما هو فلم يدفع شيئاً! هذا ليس ذكاء، بل غباء، يُعتبر غباء.
╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝