دروس من هدي القرآن الكريم 🔹آيات من سورة الواقعة🔹 ملزمة الأسبوع | اليوم السادس ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 10/ رمضان/1423هـ | اليمن – صعدة
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹آيات من سورة الواقعة🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم السادس
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 10/ رمضان/1423هـ | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
مجال واحد، اتجاه واحد الذي يجب على الناس أن يفكروا كيف يكونون قريبين منه هو الله، ليس هناك غيره، لا مُحقّ ولا مبطل، بالأعمال الصالحة أريد أن أكون مقرباً من إنسان مهما كان مقامه، وأنا مقصدي هكذا: أن أكون مقرباً منه بهذه الأعمال الصالحة، الله يقـول فـي القـرآن الكريـم، يرد على مجاهدين عندمـا سـأل أحـد المجاهديـن أن الإنسـان قـد يخرج يجاهـد ويحـب أن يُرى مقامُه، ويقولون فلان! أليس هنا شعور من هذا النوع؟ يكون مقرباً من الآخرين، ويرونه يعظمونه، نزلت الآية: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف:110).
أقفل المجال، ليس هناك إلا جهة واحدة هي التي تسعى لأن تكون مقرباً منها وهو الله سبحانه وتعالى، القرب من الله، كل عمل صالح هو يقربك من الله، من رضوانه، من نعيمه، لكن أن تكون من النوعية هذه، من السباقين، أولئك هم المقربون بما تعنيه الكلمة، كأنـه يقـول عندمـا يقـول: {أُولئِـكَ} هـم، هـم المقربون حقيقة، هم المقربون بما تعنيه كلمة مقرب، وإلا فرحمته واسعة، أصحاب الميمنة، الناس المؤمنين الطيبيـن، هـم لهـم قـرب مـن الله، ويدخلهم جنته ونعيمـه الواسـع، لكـن الآخـرة أكبـر درجـات وأكبر تفضيلاً.
ولأن القضية – كما أسلفنا سابقاً – في مسألة السبق هي مسألة وعي، مسألة فهم، مسألة استشعار بتقوى الله، يكون عندك مشاعر يَقِضَة، إيمان قوي بالله، حرص على رضوان الله.
لماذا أصبحت قضية السبق مهمة؟ لأن العادة أن من ينطلقون في فترة من الفترات، في عمل معين، كثيراً مـا يكـون هذا العمل من النوع الذي لا يتجه الناس فيه، أو يكون المعارضون فيه كثير، أو يكون المشاغبون ضده كثيـر، أو الأعـداء لـه كثيـر، أو المشاكل أمامه كثيرة.
فترى كثيراً حتى ممن هم مؤمنين يتجنبونه، يقولون: عسى ما قد هو ضروري، عسى ما قد هو لازم علينا، يمكن مـا قـد هـو واجب علينا. السبَاقون يكونون هم من يتحملون صعوبة البداية، ثم من بعد يصبح كل شيء محسوباً لهم.
لاحظ كيف جعل الله فارقاً كبيراً بين من كانوا ينفقون ويجاهدون قبل فتح مكة، ويقاتلون في سبيل الله، وبعـد فتـح مكـة {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِـكَ أَعْظَـمُ دَرَجَةً{ – أعظم درجة – }مِّنَ الَّذِيـنَ أَنفَقُوا مِـن بَعْـدُ وَقَاتَلُـوا وَكُـلّاً وَعَـدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (الحديد: 10).
أليس هذا أنفق وقاتل؟ وذاك أنفق وقاتل؟ لكن هنا أنت تنفق وتقاتـل وأنت ترى هذا الاتجاه الذي أنت فيه، فيه آلاف، تقاتل مع ثمانية آلاف، مع اثني عشر ألفاً، بينما كان الأول يقاتل مـع مائتيـن، مع ثلاث مائة، مع عشرين شخصاً، مع ثلاثين، والمجتمع كله من حولك مجتمع معادي، أنـت كنـت تنفق في ظروف قاسية، في لحظات مهمة جداً.
الآن عندمـا تأتي تنفـق مبلغاً سيأتي لك غنائم ربما أكثر مما أنفقت، تنفق وأنت قد أصبح معك اثنا عشر ألفاً تقاتل معهم، وتجمعون غنائم، أهل [هوازن] في يوم [حنيـن] سيأتـي لـه أكثـر ممـا أنفق، تكون النتائج مختلفة، هكذا السباقون هم من يواجهون عادة الظروف الصعبة في البداية، هم من ينصبُّ عليهم، ويتجه إليهم مـاذا؟ الكـلام المضـاد، التّهـم، المشاكل، العداوات، وأشياء من هذه.
لكن أحياناً إذا كان عند الناس تفكير، تفكير أي ممكن أن يكونوا سباقين، وبنسبة كبيرة، بسبقهم الجماعي يتفادون كثيراً من الإشكاليات، يتفادون كثيراً من المصائب، مثلاً أن تنطلق في عمـل وحـدك بمفـردك، قد تكون أنت أمـام الآخريـن، هـذا شرف عظيم لك وفيه صعوبة، أليس فيه صعوبة؟ لكن أن ينطلق مجتمع بكله بنفس الموقف يجعل الآخرين لا يعودون يفكرون في شيء، لا يفكرون أن يعملوا أي عمل ضدك، بل يفكرون ربما كيف يتأقلمون معك، كيف يكسبون ودك، أنت وهذا المجتمع، كيف يكسبون المجتمع بكله الذي أصبح يتحرك تحركاً معيناً.
لكن ربما لأنه هكذا، لا يتهيأ في الغالب أن يكون المجتمع ينطلق انطلاقة واحدة، وإلا فهو مطلوب من الكـل روح المبـادرة، روح السبق، فعادة ما يكون هناك سباقون، فـ{أولئك} هم كما قال الله: {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (الواقعة:11-12).
{أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} هذه واحدة من النعم العظيمة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم بعدمـا ذكـر الجنة أن رضوانه هو أكبر نعيم، وحتـى تعـرف فعـلاً أن الرضـوان، أن المقـام المعنـوي سيكون لديك أعظم من النعم المادية، تجد أمثلة في الدنيـا علـى هذا، قد تجد تاجراً عنده أموال كثيرة، عنده سيارات، عنده بيوت، عنده كل ما يشتهي، لكن يتمنى، لا يزال يحاول أن يكون مقرباً من رئيس الوزراء، يكون مقرباً من وزير خارجية، داخلية، يكون مقرباً من رئيس جمهورية، يكون مقرباً من رئيس مجلس شورى، مجلس نواب مثلاً، يحاول أيضاً أن يكون مقرباً من محافظ، يكون مقرباً من المدير.
ستراه وتلمس فيه أنت أنه لا يهناه ما عنده من نعيم مـادي، مـا يهنـاه مثـل مـاذا؟ ما قد حصل على المقام المعنوي، أن يكون مقرباً من فلان! بعد أن يحصل على هذا المقام فيصبح مقرباً مثلاً من الرئيس ستراه يعتبر كونه مقرباً من الرئيس عنده أغلى من تلك الأشياء كلها، يعتبرها حالة عنده أغلى من تلك الأشياء كلها، ومستعد أن يفديها ولو بأكثر ماله، وتبقى.
سيقدم تبرعات، يقدم مساعدات، يقدم كذا؛ لأجل يحافظ على قربه من الرئيس؛ لأن القرب المعنوي حتى تعرف بأنه نعيم، إنما فقط لأننا معرفتنا بالله قليلة، معرفتنا بالله ضعيفة، وإلا لوجد الإنسان بأنه أن يرى نفسه في عمل يقربه إلى الله سيجد أو سيلمس أن حالة القرب من الله هي أعظم نعيم يحصل عليه في الدنيا وفي الآخرة.
لكن هذا كمثال لنا في الدنيا، وستلمسه فعلاً، تتحرك في الدنيا سترى كيف يكون التاجر الفلاني الذي يمتلك الممتلكات الكثيرة وليس بحاجة الرئيس من أجـل أنـه سيعطيـه حـوالات، ليس بحاجة إليها، بل هو سيعطي هو، سيعطي [المؤتمر] مثلاً في انتخابات، سيعطي في كارثة طبيعية تحصل من أجل أن يحصل على القرب من الرئيس؛ لأنه يرى القرب من الرئيس شرفاً عظيماً، ويراها نعمة كبيرة عليه أغلى من كل ما لديه.
الله يقول بالنسبة للمؤمنين: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ} (التوبة:72) وهو ما يعتبرونه أكبر نعيم، وأكبر جزاء، وأكبر شرف، وأكبر فضل. فيجمع الله سبحانه وتعالى لهم بين هذا القرب المعنوي، القرب منه، وبين النعيم العظيم عندما يقول: {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين
╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝