🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم🔹 ملزمة الأسبوع | اليوم الخامس ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي اليمن – صعدة
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الخامس
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
فإذا تأمل الإنسان فعلاً أكثر ما يعاني الناس من الأشياء، سواء كان سببها من عندهم تلقائياً، أو هم مشاركون في السبب، وأن وسائل أن يخرجوا من هذه الوضعية هي بأيديهم، وسائل بأيدي الناس، ويتهيأ في كل زمان أشياء عجيبة، يستطيع الناس أن يستغلوها بشكل كبير.
لاحـظ إذا واحـد نظـر، إذا نظرنا لأنفسنا فيما بيننا أشياء كثيرة هي في متناولنا، نستطيع أن يكون تعاملنا مع بعضنا تعامـل حسـن. أليـس هـذا ممكـن؟ خاصةً إذا رجع الناس إلى القرآن، لو رجعوا إلى القرآن، وآمنوا بالقرآن، وخافوا من الله، من عذاب الله، مـن جهنـم، وعملـوا على أن يلتزمـوا بتوجيهات القرآن، وإرشاداته، فبالإمكان أن يتعاملوا فيما بينهم تعامل حسناً، ما أحد سيقول لك: لماذا؟
عندما يعفو بعضنا عن بعض، عندما نكظم غيظنا مع بعضنا بعض، عندما نلتزم بالصدق فيما بيننا، عندما نلتزم بالعدل فيما بيننا، إذا حصل من شخص خلاف مع شخص؛ يكون أي واحد منهم مستعداً أن ينصف الآخر من نفسه، أو أن يحلـُّوا قضيتهم بسهوله، لا تتطور فتصبح قضية تؤدي إلى خلق عداوة، وبغضاء فيما بينهم، ثم فيما بين أسرهم، ثم على أوسع دائرة داخل مجتمعهم.
الناس يستطيعون أن يكونوا أوفياء مع بعضهم بعض، يبذلوا معروفهم لبعضهم بعض، لا أحد يجرح مشاعر الآخر بكلمة سيئـة، أو يدخـل في باطـل فيعين طرفاً على طـرف آخـر لكونـه يكـره هـذا الطـرف الآخر، فيدخل في باطل، فيعين ظالماً على ظلمه.
أشياء كثيرة في متناولنا أن نعملها هي نفسها تهيئ النفوس إلى أن تكون متآلفة، تهيئ المجتمع إلى أن يكون متوحداً.
الوعي لفهم الدين، فهم الأمور أيضاً في متناولنا، لكن أحياناً لا يكون في متناولنا نحن أن نصنعه بالنسبـة لعامـة النـاس، لكـن إذا اتفقنـا على أعمال معينة هي التي ستبني، ستصحح الوعي في ذهنية المجتمع، تجعله يفهم الأمور فهماً صحيحاً، وفق هداية الله سبحانـه وتعالى في القـرآن الكريم، مثل مدارس علمية، مرشدين، عمل لدين الله؛ لأنه حتى صلاح نفوسنا، وزكاء نفوسنا، وأن نكون واعين، وفاهمين، ولدينا قدرة على أن نفهم الأمور كما هي عليه هو مرتبـط بالديـن أيضـاً، مرتبط بالدين؛ لأن من مهام الديـن هـو أن يزكـي النفوس، ويجعلها نفوساً زاكية، وأرواحاً سامية، طاهرة، ويخلق معرفة، ووعياً، وفهماً بالأمور كلها.
ما يستطيع الناس من تلقاء أنفسهم هكذا، لا يستطيعون من تلقاء أنفسهم أن يحصل لديهم الوعي الكافي، الفهم الكافي الصحيح للأمور كيف تتغير من الأسوأ إلى الأفضل، وكيف تكون عواقب هذه الأعمال، أو هذه المواقف التي هم عليها، كيف تكون عواقبها، لا يأتي إلا عن طريق التعاون مع الأعمال الإسلامية، مدارس، مرشدين، علماء، معلمين، وهم ينتشرون في المجتمـع فيفهِّمـون النـاس بديـن الله، ومتـى ما فهمنا دين الله سنكون واعين حقاً، سنكون فاهمين، سنكون ملتزمين، سنكون صادقين مع بعضنا بعض على أعلى مستوى، ونقف مع بعضنا بعض في كل مواقفنا.
في هذه الحالة لا يستطيع أحد يقهرنا فعلاً، متى ما وصل الناس إلى هذه الحالة عندهم فهم ووعي، عندهم وحدة كلمة، عندهم تعاون، إخلاص لله، خوف مـن الله، توجـه إلى الله، فلا يستطيع أحد يقهرهم، ولا يستطيع أحد أن يضللهم أبداً.
بل الحكومات في هذا الزمن، لاحظوا مع أنه من الأشياء العجيبة – كما قلنا أكثر من مرة – بأنه يتهيأ من قبل الله وضعيات أخرى، الحكومات في هذا الزمن – حتى الحكومات التي هي ديمقراطية – هي نفسها من النـوع الذي هو قابل أن يتكيف مع أي مجتمع يفرض نفسه عليها.
لو أننا نحن الزيدية فيما بيننا، كلمتنا واحدة، مواقفنا واحدة، وواعين، فلا يستطيع أحد أن يضللنا، لا تلفزيون، ولا رادي، ولا مطوّع، ولا أي جهة، نفهم الأمـور سنـرى الدولـة نفسهـا تتوجـه إلى أن تكيِّف وضعيتها بالشكل الذي يتلاءم معنا، هذا شيء معروف أنـه في المجتمعـات، خاصـةً المجتمعات الديمقراطية، أن الناس يستطيعوا أن يفرضوا أنفسهم على الدولة، ويمشـّون ما يريدون على الدولة.
أليست تأتي فيها انتخابات؟ الانتخابات لاحظوا كيف تكون،أليسوا ينزلون كلهم بين أيدي الناس؟ كلهم تحت رحمة الناس جميعاً، من عند رئيس الجمهورية إلى عند أصغر واحد مترشح لعضوية مجلس نواب، أو مجلس محلي. أليسوا كلهم يقولون ينزلون إلى بين أيدينا؟ ينزلوا إلى بين أيدينا يتودد لك، ويتلطف لك؛ لأنهم بحاجة إليك.
هو عندما تكون القضية على هذا النحو فهذه فرصتك أن تغير، أي أليست من أبسط الوسائل للتغيير؟ عندما يكون الناس موقفهم واحد يستطيعون مثـلاً أن يكـون لهـم ثقـل في انتخابات مجالس نواب، في انتخابـات مجالـس محليـة، لا يطلِّعون إلا أشخاص جيدين، في هذه المحافظة، ومحافظة أخرى، ومحافظة ثالثـة، تعرف الدولة الفلانية بأن هذه الأمة تفرض نفسها عليها، تجعل الدولة تحت رحمتها.
نحن نراهم مثلاً كانوا يتمشون مع أحزاب معينة، أو حتى مع مناطق معينة، الدولة تكيف نفسها بالشكل الذي يرضي هذا الطرف، أحياناً تكون قبيلة واحدة، تحتاج تنزل الدولة على رغبتها، وتمشي الأمور بالنسبة لها على ما تريد، وأحياناً شخص واحد، يكون شيخ معه قبيلة بعده، ويفرض نفسه، ويمشـّي الأمور على ما يريد فيما يتعلق ببلاده. لكن متى يحصل هذا عند الناس؟ عندما يفهموا بأنهم سيظلون دائماً تائهين، ومصوتين، وهذا المسؤول عدو الله، وهذا العضو فسل، وهذا ما من أبوه شيء، ولماذا قد الناس هكذا؟ الناس هم نحن، الناس هم نحن، متى ما صلحنا، وفهمنا، استطعنا أن نصحح الأمور، ونصلحها.
ومن العجيب أن هناك أشياء كثيرة هي بأيدي الناس، لكن الذي يفقدونه هو الوعي، الفهم الصحيح للأمور، وعدم ثقة في كتاب الله، ما نثق بكتاب الله حقيقة، ولا نخاف من الله بالشكل الذي يجب أن نكون عليه، وإنما نفصل الأمور على ما يطلع في رؤوسنا، تأتي انتخابات، وكل واحد يقول: ما بِلاّ أصوت لهذا، بعضهم لأنه قد تجمل معه في موقف، أو أعطاه قرضه، أو وعده بحاجة، أو أعطاه فلوس وقت الانتخابات فصوت له، وهذا صوَّت لهذا، وهذا راح كذا، وهذا راح كذا.
ولاحظ الناس أن الأمور تمشي على خلاف ما يريدون. أليس هذا من المعروف عندنا؟ الأمور سارت خاصة في مديرية [ساقين] في المجلس المحلي ألم تسير الأمور على خـلاف مـا يريـدون، كذلـك صعدة كلها محافظة زيدية، وحجة، وعمران، والجوف، كلها بتمشي الأمور على خلاف ما يريدون، وهم الذين يصنعونها هم.
من الـذي سيطلَّـع من أي منطقـة عضـو مجلس نواب، وليس الناس الذين سيصوتون له؟ وفي الأخير يصيحون منه! وفي الأخير يلعنـونه، بعضهـم في الأخيـر يلعنـونه! أليـس البعـض في الأخير يلعنونه؟ عضو مجلس نواب، أو محلي، أو.. لكن قبل كل هذه الأشياء هم يكونون بالشكل الذي يستطيعون أن يفرضوا وضعية صالحة لأمتهم، ولدينهم، ولأنفسهم.
وإلا فينتظر الناس جيلاً بعد جيل على هذا النحو، يعني ستشيب ويشيب ابنك ونحن منتظرون لأولئك أن يسبروا مدري منهم! ما يدري واحد أن أساس الغلطة من عنده، من المجتمع جميعاً، وشيَّب ابنه، ومات، ومـات ابنـه، والأمـور كما هي، بل تزداد سوءًا، تزداد سوءًا فعلاً، ثم تزداد الخطورة على الناس فيما يتعلق بدينهم، فيما يتعلق بمصيرهم عند الله يوم القيامة؛ لأنـه كلمـا فسـد الزمـان، تعرضـت الأمة، تعرضـت الأجيـال للفسـاد الدينـي، تعرضـوا لطريق جهنم.
هذا شيء معروف، لا يأتي الفساد فقط يختص بالجانب المادي، أبداً، لا يأتي الضلال يتجه إلى الجانب المادي، جانب الأموال، أموالنا، فلوس، أو مـزارع، لا يتجـه إليها وحدها أبداً، بل لا يتجه إليها إلا بعد أن يصنع في نفوسنا نحن ضلالاً، تسهِّل المسألـة لديـه أن يفسـد مـا يتعلـق بأموالنـا، سواء نقدية، أو أموال أخرى، لو أن الفساد يتجه فقط إلى الجانب المالي، ثم لا يكون لهذا الجانب مردود فساد، لكانت القضية سهلة.
لكن لا، الضلال، الفساد يتجه إلى الإنسان، إلى نفسه، إلى المجتمع نفسه، وأمواله، يتجه إلى الدين بكله؛ لأن الفاسد متى ما أخذ من أمولك فأين يشغلها؟ في الإصلاح، أو في الإفساد؟ يشغلها في الإفساد؛ ولأنه معلوم أن الإفساد لا يتجه فقط إلى جانب المال، بدليل أن كـل دولـة، أليست كل دولة يكون معها؟ سواء محقة، أو مبطلة، دول الضلال؟ ألا يكـون معهـا وسائـل إعلام؟ تعمل مدارس، جانب تربوي، عندها وزارة إعلام، عندها وزارة ثقافة، عندها إذاعة، تلفزيون، صحف، كتَّاب.
أين يتجـه هـذا العمل؟ أين يتجه؟ هل هو يتجه إلى الأراضي؟ أو إلى النفوس؟ إلى النفوس يتجه، إلى الإنسان، هـم أليست هـذه أمريكا نفسها، وكـل دولـة أليس لديهم وزارة إعـلام، ووزارة ثقافة، ووزارة تربية وتعليـم؟ لديهم صحـف – كآليات – صحف، مجـلات، كتَّاب، صحفيين، إذاعة، تلفزيون، مناهج دراسية، هـذه أيـن تتجـه؟ أليست تتجه إلى النفوس لتصنعها على كيفية معينة؟
ليس هناك شيء في الدنيا فساد أو ضلال يتجه إلى الجانب المادي. إذا كان الناس في وضعية فاسدة معنى هذا بأن الخطورة عليهم ليست فقط فيما يتعلق بأموالهـم، أو ظلـم مادي عليهم، بل تتجه المسألة إلى إفساد دينهم، إفساد نفوسهم، فيتحولون إلى أعداء لله من حيث لا يشعرون، يتحولون إلى أعداء لأولياء الله من حيث لا يشعرون، يتحولون إلى ربما أولياء لليهود والنصارى من حيث لا يشعرون، فيتحولون إلى أن يكونـوا مـن حزب الشيطان، نعوذ بالله، والله قال عن الشيطان: {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيـرِ} (فاطر: 6) وحتـى أحياناً لو حاول واحد يقدر أما هو أنه سابر، فليس صحيحاً.
إذا رأيت الفساد ينتشر فلا تقدر بأنه مازال بإمكانك أن تأكل أنت لقمة حلال، إذا كان الفساد ينتشر فلا تقدر أما أنت فيما يتعلق بدينك أنه سابر؛ لأنك واحد من المقصرين عن أشياء مهمة؛ لأننا نفهم الدين فهماً محدوداً.
متى ما جاء أحد إلى نفسه قال: [والله من فضل الله لا سارق، لا زاني، لا قاتل نفس محرم، لا قاطع سبيل، لا شارب خمر، مصل، وصائم، مزك، حاج، ما لي حاجة من أحد] هذه أيضاً واحدة منها، من الأشياء الإيجابية، [مـا لـي حاجـة من أحد، لا أتدخل في أي قضية] أليسوا يعدون هاتين الخصلتين إيجابية؟ وفي الأخير ينظر لنفسه بأنه أما هو فهو كامل يعني. منتظـر الزمـان [بـده يسبر، بده لا] أما هو فقد هو سابر، في الأخير سيموت ويدخل الجنة! لا، كل إنسان مسؤول، وكل إنسان مقصر.
التقصير يلحق كل واحد مننا، إذا رأينا أنفسنا مقصرين بشكل واضح، نعرف بأننا مقصرون يكون هناك أعمال نحن نعرف أنها أعمال صالحة، وأنها مهمة في مجال إصلاح المجتمع، في مجـال إعـلاء كلمة الله، مثلاً هذه المدارس المنتشرة، أليس كـل واحـد منا عـارفاً أنها مشروع جيد، وأنها من الأعمال الجيدة، وأنها إعلاء لدين الله؟
كل واحـد يعـرف هـذه، لكن تجدنا لا نتعاون معها إلا القليل من الناس، وبالقليل مما لديهم، أليس هذا يدل على أننا مقصرون جميعاً؟ هل كل شخص من المجتمع يتعاون معها؟ القليل من الناس، بدليل أنها لم تستطع أن تتحرك بالشكل المطلوب، ما استطاعت أن يكون لها دور كبير في إصلاح المجتمع.
هذا جانـب كـل واحـد يشهـد بأننا مقصرون فيه، أو الغالبية من الناس مقصرون فيه، فالمسألة تبدأ من أن يفهم الناس دينهم، ويفهمون مسؤوليتهم أمام دين الله، فمتى ما استقام الدين فينا، متى ما فهمنا ديننا استقامت نفوسنا، وزكت نفوسنا، واتسعت معرفتنا، وفهمنا للأمور، وفهمنا خطورة بعض الأشياء التي نحن عليها، ولا نهتم بها، ونعتبرها أشياء بسيطة، مثل حالة اللامبالاة.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝