🟢دروس من هدي القرآن الكريم 🔹 الثقافة القرآنية 🔹 البرنامج الرمضاني || اليوم الـ 12 – الدرس السابع ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ 4/8/2002م | اليمن – صعدة
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹 الثقافة القرآنية 🔹
البرنامج الرمضاني || اليوم الـ 12 – الدرس السابع
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/8/2002م | اليمن – صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
وثم يتحدث عن جهنم هذه ويجعل جهنم من جنس عذابٍ نحن نراه {نَاراً} أليست النار معروفة لدينا؟ لو كانت جهنم عذاباً من جنس آخر نحن لا نعـرف مـا هو، ربما قد لا يكون له أثر في نفوسنا لأننا لا نعرف مـا جنس هذا العذاب حتى نخافه، الله جعل جهنم من جنس شيء نحن نراه في الدنيا، النار، هذه النار التي تصل درجـة حرارتهـا إلى آلاف مؤلفة، آلاف من درجات الحرارة. الإنسان حتى وهو يشاهد هذه النار يتذكر عندما يسمع الله يقول هناك: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}.
كلمة {نَاراً} لا يتساءل الإنسان ما هي ناراً، شيء ما ندري ما هو، أنت تراها في بيتكم على طول، بل ربطت حياة الإنسان في الدنيا بالنار، تظل دائماً تذكره بجهنم، يتذكر بما هو في بيتهم كل ساعة، نريد قهوة فلابد نار، نريد أكل لابد من نار، نشتري حطباً. نشتري غاز، لابد من تنور حطب أو غاز بالنار. فالنار توقد في بيتك دائماً، وتوقد بجوار أي مطعم أنت قد تأكل فيه في أي مدينة من المدن.
إذاً فهـذه النـار عندمـا يقـول: {نَـاراً} هـي معروفة لكنها تزداد وتفوق حرارتها بشكل كبير هذه النار {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ} ملائكة لا يمكن أن يرِقّ لـك قلبـه عندما تقول: {يَا مَالِـكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} (الزخرف:77) أو أُدعُ لنا ربك يخرجنا من هذه النار، أو أي تضرع آخر، أبداً، غلاظ شداد، لا يستطيع أهل النار أن يشكلوا ثورة فيقتحموا أبواب جهنم ويخرجوا. لا. أبواب مؤصدة، أعمدة من وراء الأبواب، لا يستطيعون أبداً، كلما اقتـرب أهـل جهنـم مـن الأبواب يُقمعون بمقامع من حديـد، فـلا أهـل النـار يستطيعـون أن يشكلوا ثورة فيفتحوا هذا السجن كما يعمل الناس في الدنيا أحياناً، بعض السجون قد يجتمع السجناء فيقتحموا السجن ويقتلوا الحراس أو يفكوا الأبواب ويخرجوا.
أمـا (جهنم) فلا، ليس هناك إمكانية للخروج منها، وليس هناك عليهم رقابة يمكن أن يعطيهـم واحـد رشـوة أو أي شيء ويخرّجوه منها، {غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
يتذكر الإنسان دائماً بالقرآن، ويكون همه أن يتذكر. عندمـا تقدمـه للنـاس قدمـه علـى هـذا النحـو، تذكرهم به، وليس بأسلوب المفسر، تنطلق وكأنك مفسر للقرآن، قد تخطئ، أو أن تغوص في أعماق القرآن قد تخطئ، يكفيك ظاهر القرآن أن تتذكر به وأن تذكر الآخرين به، أن تدَّبره وأن تدعو الآخرين لكي يَدَّبروه، هو شيء واسع جداً.
هـذا مـا أريـد أن أقولـه فيمـا يتعلـق بالتعامـل مـع القرآن، نحن لا نريد أن يكون مبتذلاً، فكل واحد ينطلق ويرى أنه يستطيع أن يفسر، ويستطيع أن يحلل، ويستطيع أن يغوص في أعماق هذه الآية أو تلك، أو يستوحي من هذه الآية أو تلك، انطلق مع ظاهر القرآن الذي هو ميسر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} (القمر:17).
حتى قضية استنباط أحكام شرعية لا تكون هي القضية التي تشغل بالك، إنه كيف بالنسبة للوضوء بالنسبة للصلاة فهي جاءت في آيات مقتضبة مختصرة: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَـى الْكَعْبَيْـنِ} (المائدة: 6) لكـن فـي المجـالات الأخرى المهمة يتكرر الحديث حولها في القرآن كثيراً، يتحدث كثيراً جداً ويعرض القصص والأمثال وتتعدد في القرآن. كذلك المواريث جاء بها في آيات محصورة بينة.
البعض قد يقول: إذا انطلقنا إلى القرآن فمعنى ذلـك أن كل واحد من عنده يستنبط أحكام ويخرج قضايا و..و. أقول. لا، نحن نريد أن ندعو أنفسنا، وندعو الناس إلى أنـه يجـب أن نتعامـل مـع القـرآن وفـق ما دعانا الله إليه في القرآن عندما قال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر: 17) {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَـابِ} (صّ:29) وأن القرآن يعطي الكثير الكثير في هذا المجال، هذا الذي نريد.
لا نريد أن تكون مثل الوهابيين عندما قدموا السُّنة مبتَذَلة، فكانوا محط انتقاد للآخرين، كما نَقَدَهم الغزالي في كتاب (السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث)، يجمع كتب الحديث وفي نظره أن السنة كلها بين يديه، ويبدأ من طرف يأخـذ بالحديـث، يأخذ الحديث ولا يدري أنه قد يمكن أن يكون هذا الحديث ضعيفاً، قد يكون هذا الحديث باطلاً، قد يكون هذا الحديث مخصوصاً، قد يكون كذا.. إلى آخره.
في مقام التذكر أنت لن تصل إلى الآيات التي تسمى مخصوصة، أو منسوخة، و أشياء من هذه، بل هو ميدان واسع جداً. عندما ندعو الناس إلى القرآن فيقولون هناك آيات ناسخة ومنسوخة.
النسخ في القرآن قليل جداً، وأكثر النسخ الذي قُدِّم هو نسخ من قِبَل مجتهدين ضربوا آيات قرآنية مهمة تحت عنوان النسخ، نحن في مقام التذكر الآيات الكثيرة القضايا الكثيرة هي مما ليست مورداً للنسخ، ولا علاقة للنسخ بها.
التدبر كذلك، التدبر والتذكر معناه متقارب. فلا نغلـط كمـا غلـط الوهابيـون، فتنطلـق أنـت مـن فوق القرآن، وتريـد أن تتعامـل معه كما تعامل أولئك مع الحديث (شيخ الإسلام) ولم يدرس إلا أربعين يوماً. (شيخ الإسلام أبو الحسن)، (شيخ الإسلام أبو محمد، أبو معاذ)، وينطلق شيخ ويسرد على الناس أحاديث في المحاريب. وهكذا.
نتلو القرآن، نعلق تعليق بسيط بحيث نهيئ ذهنية الناس إلى الآيات التي نقرؤها، حتى تكون أذهانهم مؤهلة لأن يتذكروا بما يُقدم إليهم من القرآن. القرآن يمتـاز بأسلـوب لا يستطيـع أحـد أن يجعـل منطقه مغنياً عنه، أن يجعل الناس يستغنون بمنطقه عن القرآن، لا يمكن إطلاقاً، مهما بلغ الإنسان في قدرته البيانية في قدرته على فهم القرآن، لا تزال الأمة بحاجة إلى أن تسمع القرآن؛ لأن القرآن نفسه هو خطاب من نوع خاص، في الوقت الذي يخاطب الإنسان صريحاً هو خطاب لوجدان الإنسان، لمشاعره الداخلية، بشكل لا يستطيع أحد أن يصل تعبيره إلى خطاب ذلـك الوجـدان كمـا يخاطبـه النص القرآني، فلا يمكن لشخص أن يجعل منطقه فوق منطق القرآن إطلاقاً، أو أن يدعي فيقول للناس: ادرسوا القرآن الكريم دراسة سطحية ونحن سنعطيكم.
نحن بحاجة جميعاً إلى أن نسمع النص القرآني الذي يخاطب وجدان كل شخص فينا، فالخاصة لا يمكن أن يعطوا العامـة مـا يمكـن أن يعطيه الخطاب القرآني، وقد يفهمُ الخاصة مالا يصل ولا يرتقي إليه فهم العامة من خلال القرآن، وكـل مـا يقدمـه الخاصة حول القرآن هو ينعكس بأن يرتقي بمستوى ذهن العامـة إلـى فهـم القرآن أيضاً أكثر، فالقرآن لا غنى للناس عنه.
فليس صحيحاً عندما يأتي أحد ليرهب علينا [القرآن لا تقربه، لا تتناوله أولاً ابدأ اقرأ أصول الفقه، ابدأ اقرأ كذا وكذا]. القرآن هو عربي {قُرْآناً عَرَبِيّاً} (الزمر:28) {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء:195) نزل بلغتنا ونحن لا نزال عرباً، لا تزال أساليب الخطـاب العربـي أكثرها ما تزال قائمة، وإن اختلفت المفردات، التعبير بالمفردات لا تزال مشاعر وأجواء الخطاب قائمة بيـن النـاس، بـل ربمـا عند غير العـرب، الإنسـان كإنسـان لـه أسلـوب فـي تخاطبه مع أبناء جنسه، قد يكون متقارب، قد يكون شبه واحد في مختلف اللغات وإن اختلفت المفردات.
فنحن سنهتـم باللغـة العربية، نهتم باللغة العربية، وعندما نهتم باللغة العربية نتعرف على أصل اللغة نفسها، نتعرف على أساليب العرب بشكل أكبر، نتعرف تَـذَوّق العـرب للكـلام، مـا هـو الكـلام الـذي كانـوا يعتبرونه راقياً، حتى نعرف لغة القرآن، وعندما نعـرف لغـة القـرآن ستكـون معرفتنـا للقـرآن أكثـر واستفادتنا منه أكبر.
ليس صحيحاً بأنه متوقف على فنون أخرى كأصول الفقه. أصول الفقه هو فنٌ يضرب القرآن ضربة قاضية، يضرب القرآن ضربة شديدة، يضرب فطرتك، يضرب توجهك نحو القرآن، يضع مقاييس غير صحيحة تدخل إلى القرآن والقرآن بشكل آخر؛ ولهذا نجد أنفسنا كيف أن القرآن لم يعمل عمله فينا، لم يستطع القـرآن؛ لأننـا وضعنـا عوائـق أمـام فهمنا لـه، أمام اهتدائنا به، أشياء كثيرة حالت بيننا وبين أن نفهمه، وبالتالي قتلناه، وأصبحنا أمة ميتة، أصبحنا أمة ميتة، أسأنا إلى أنفسنا، وأسأنا إلى القرآن الذي هو أعظم نعمة من الله علينا.
أذكر الإمام الخميني لـه كلمة قال: (أن الإنسان لو يجلس طول عمره ساجداً لله شكراً على هذا القرآن لما وفّى بحق شكر الله على هذه النعمة العظيمة)
هـذا شـرف عظيـم جداً لنا، أن يكون توجهنا قرآنياً، ومهم جداً في هذه المرحلة بالذات؛ لأن أعداء الله يتوجهون أساساً إلى ضرب القرآن في نفوس الناس، إلى إقصاء الناس عن القرآن، إلى تغييب القرآن مهما أمكـن، إلـى خلـق ثقافـات تشكـك حتـى فـي القرآن الكريم، حرب شديدة ضد القرآن الكريم، لكنهم لا يستطيعون أن يمسوا نص القرآن بسوء، سيمسونا نحن بالسوء، سيفصلوننا عنه، سيبعدوننا عنه، سيشغلون أذهاننا بأشياء تصرفنا عنه، وبالتالي يصبح القرآن بمعزل عن حياتنا، عن التفاتاتنا أمام أي إشكالية نعاني منها.
وفي الأخير فعلاً القرآن قد يتعرض إلى التغييب، التغييب لاحظوا حتى في المدارس، ألم يُشتت القرآن بشكل غير طبيعي، شُتِّتَ القرآن، سنين بعد سنين حتى تنتهي من معرفة القرآن وحفظ القرآن الكريم، بينما كنا سابقاً كان في سنة أو سنتين يستطيع الناس أن ينتهوا من تعلم القرآن الكريم.
قد يغيبون القرآن كما غيبوه في الاتحاد السوفيتي سابقاً، قد يشغلوا الناس بأشياء كثيرة، أفلام خليعة، ثقافات خليعة، رموز خليعين، رموز فن ورياضة وغيرهـا، وبالتالـي يكون واقع الناس أسوأ بكثير كلما ابتعدوا عن القرآن، هذا هو الواقع الذي نتصوره سيئ جداً، ربما بقي هناك احتمالات لأشياء أكثر.
وكلما كان واقع الناس أسوأ في الدنيا سيكون أيضاً واقعهم أسوأ في الآخرة؛ لأن معنى السوء هنا ناتج عن ماذا؟ ناتج عن تقصيرنا، وكلما قصّر الناس في مرحلة تضاعفت المسؤوليات عليهم من جهة؛ لأنه كلما انتشر الفساد كلما اقترن معه بحكم الخطاب القرآني للناس مسؤوليات، منكر واحد أنت لم تنهَ عنه. جاء منكـر آخـر، تفـرع عنـه منكـرات، ألم يتكرر عليك الواجب مع كل منكر؟ تتعاظم عليك المسؤولية مع كل فساد ينتشر، فيكون كلما انتشر الفساد كلما تعاظمت المسؤولية علينا، وكلما رأينا السوء في حياتنا، وكلما رأينا أنفسنا لا نستطيع أن نؤدي شيئاً.
في الأخير إما أن نرى المهام الصعبة صعبة جداً، فلا يصل إليها إلا البعض، قد لا يؤديها إلا البعض، قد لا يرتقي إلى أدائها إلا البعض، وتكون معظم الأمة هالكة، يهلك الناس في الدنيا، ويقدمون على الله هالكين يوم القيامة، ويهلكوا بدخول جهنم، نعوذ بالله من دخول جهنم.
╔════🌺═══╗
t.me/shahidzaid
╚════🌺═══╝